15 سبتمبر 2025
تسجيليعتقد المراقبون أن السنوات الماضية، ولفترة طويلة، كانت تتسم بالقلق حول كفاية المعروض من النفط وتوازنه مع متوسط الطلب العالمي على النفط وهو أمرٌ أسهم في رفع أسعار النفط الخام خلال هذه السنوات ليدور حول المائة دولار للبرميل خلال الثلاث سنوات الماضية وهو نتيجة طبيعية لحالة التصعيد في العوامل الجيوسياسية في مناطق إنتاج النفط الخام والذي أسهم في انقطاع ما يزيد على 3 ملايين برميل يوميا من النفط الخام عن أسواق النفط خلال هذه الفترة.كما يتفق المراقبون أن السنوات القادمة ستشهد ارتفاعاً في المعروض من إمدادات النفط الخام عن حاجة السوق تؤثر في مسار السوق النفطية، وهنا يأتي الحديث عن دراسة حديثة صدرت عن بنك أوف أمريكا وتصب في هذا الاتجاه وأحببت أن أشارك القارئ لعموم الفائدة.تشير الدراسة إلى أن زيادة الطلب العالمي على النفط الخام خلال السنوات 2014 – 2018 لن تتجاوز 1.2 مليون برميل يوميا سنوياً، تأتي في مجملها من الأسواق الواعدة والنامية والتي تشمل الصين، الهند، الشرق الأوسط، أمريكا اللاتينية، إفريقيا، روسيا وشرق أوروبا، ولعل اعتدال نسبة الزيادة يعكس تباطؤا متوقعا في هذه الأسواق ومن بينها الصين ضمن خطة إدخال إصلاحات على الاقتصاد الصيني.تستهلك الناقلات قريباً من 6% من إجمالي الطلب على النفط أي 5.5 مليون برميل يومياً، ولكن خلال السنوات القادمة ومع تشديد مواصفات زيت وقود السفن فيما يتعلق بالمحتوى الكبريتي بدءاً من عام 2015 فإن التوقعات تشير إلى أن هناك مجالا للتوسع في استخدام الغاز الطبيعي المسال على حساب النفط وأن ذلك سيؤثر في 50 ألف برميل يوميا من الطلب العالمي على النفط والذي سيذهب لصالح التوسع في استخدام الغاز الطبيعي المسال.في مقابل ذلك فإن الزيادة المتوقعة في الطلب العالمي على النفط تقابلها زيادة متشابهة من إمدادات النفط الخام وسوائل الغاز والمكثفات من خارج الأوبك تأتي في غالبها من الولايات المتحدة الأمريكية بمعدل 800 ألف برميل يومياً على الأقل سنويا، والباقي يأتي من كندا، البرازيل، روسيا، كولومبيا وغيرها.ويبدأ إنتاج البرازيل في الارتفاع بدءاً من العام الحالي بعد انخفاض، مع تأخر عدد من مشاريع التطوير في قطاع الاستكشاف والتنقيب والإنتاج، وسيرتفع الإنتاج ليصل إلى 3 ملايين برميل يوميا مع نهاية 2018 أي إجمالي زيادة مقدارها 900 ألف برميل يوميا.كم أن هناك آفاقا حقيقية لارتفاع الإنتاج من مناطق في إفريقيا، حيث ستجذب إليها بعض الشركات العالمية والصينية، مثل السودان، غانا، أوغندا، تشاد، والكونغو، وهي في غالبها تأتي من المياه العميقة وأعالي البحار.ولذلك فإن الطلب العالمي على نفط الأوبك يدور حول متوسط 30 مليون برميل يومياً خلال هذه السنوات، ولعل تضافر توقعات الصناعة وإجماع المراقبين والمختصين من خلال متابعة المستجدات على هذا يمكن اعتبار الأمر جديا وأننا مقبلون على سنوات عجاف وصعبة تستدعي التعاون والتنسيق بأعلى درجاته لضمان استقرار الأسواق، كما يعني وفرة في الطاقة الفائضة التي تمتلكها الأوبك، وكفاية الإمدادات في السوق النفطية، وارتفاع درجة التنافس لتصريف النفط الخام في مختلف الأسواق مع الأخذ بالاعتبار التغيرات التي تجري في أنماط تجارة النفط الخام والمنتجات البترولية، وعموما فإن مجال التعاون يكون على أساس دولي لتحقيق استقرار الأسعار وربما تحت مظلة منتدى الطاقة الدولي، بالإضافة إلى التنسيق داخل منظمة الأوبك لضبط الإنتاج.وعندما نتذاكر هذه التوقعات فإنه يأتي من باب الاستفادة من التوقعات الجديدة في التحذير من أن مسار السوق يستدعي ضرورة الاستعداد في وقت مبكر يشعر الكل فيه أنه مرتاح من جهة الإيرادات النفطية والاستثمارات والعوائد، أقول: هذا الجهد مطلوب على مستوى الجميع، كما حدث في أوقات كثيرة وفي أماكن كثيرة ما بين البلدان المنتجة من داخل وخارج الأوبك بشكل ناجح وما بين الشركات النفطية وكانت الثمرة إيجابية للجميع والاقتصاد العالمي. وتنتهي الدراسة لتوجز أنه ورغم ضغوط متنامية على كثير من البلدان داخل الأوبك وخارجه من أجل رفع الإنتاج والتمتع بإيرادات جيدة من النفط الخام تساعد للإيفاء بالتزامات تلك البلدان مع ارتفاع باب الإنفاق، كذلك رغم وجود آفاق كبيرة لرفع الإنتاج، خصوصا في بلاد مثل العراق وغيرها، إلا أن هناك واقعاً على الأرض يفرض التحفظ في توقعات الإنتاج لهذه البلدان ويشكل دعامة أصيلة أمام البقاء ضمن حد أدنى لأسعار النفط الخام ما بين 90 – 100 دولار للبرميل خلال السنوات القادمة.