12 سبتمبر 2025
تسجيلشُجّت وجنتاه، وكُسِرت رُباعيته، ودخلَ المغفر في رأسه — صلى الله عليه وسلم — يوم أُحُد، فقال وهو يجفف الدم السائل من وجهه الكريم الشريف: (اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون) نحيا هذه الحياة، فنفرح في أيامها تارة، ونشقى فيها تارةً أخرى، ثم إنه قد يزيد الشقاء، ويعظم البلاء، ويشتد الكرب، ويطيش العقل، وتعم الحيرة، وتُظلم الحياة إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولا. ولأننا بشر، يعترينا من النقص الشيء العظيم، ومن القصور القدر الخطير، فقد توجهنا بأحزاننا إلى البحث الحثيث عن مخرج من عالم الحزن والضنك، فنتوغل في كتب تطوير الذات، وقوانين ما وراء الطبيعة كطاقة الجذب والاتصال بالطاقة، وغيرها مما قد يخوض فيهِ الإنسان للوصول إلى حالةٍ مُرضية. ولأنني أؤمن بعبارتي التي حرّفتها عن ديكارت فأذكر أنني قد قلت (أنا أقرأ إذاً أنا موجود) فكنتُ أن خضت تجربة قراءة كتب تطوير الذات، ككتاب السر لروندا بايرن، وفجر طاقتك الكامنة في الأوقات الصعبة لديفيد فيسكوت. خرجت من رحلة القراءة بفائدةٍ يسيرة واستفهامٍ عظيم، فأما الفائدة فهي إضافة كتابين جديدين لمكتبتي الذهنية، وأما استفهامي العظيم، فأين أنا من (الذات المحمدية) حينما كنتُ أبحث عن فائدةٍ في كتب الذات وتطويرها..!؟ إن أنموذجاً ومثالاً وقدوةً كالحبيب المصطفى ذُكرت سيرته وصفاته في القرآن فكان أن صارت أخلاقه المحمدية أسوة للمؤمنين، ألا أخجل حينها من ذاتي التي وددت بتطويرها على أسسٍ لم يقتنع بها ذهني، ناهيك أن تقتنع بها ذاتي..! إن رجلاً قال (لا تغضب)، فحملت هاتين الكلمتين مئات من القوانين الطبية والقواعد النفسية، فلا تُغضبه الدنيا وما كان لها، ألا يحق لنا أن نتخذ منه أسوة لذواتنا..!؟ إن رجلاً أدرك ما يسمى الآن بالحاجة إلى التفكير الإيجابي، فجمع بين الرحمة والصبر، فلما وجد عمه — حمزة — وقد بُقر بطنه عن كبده، ومثّل به، فوضعه بين يديه ليصلي عليه، بكى حتى أُغمي عليه من شدة الوجد والبكاء، كل ذلك بصبرٍ واضح، وعدم الجزع لمصابه العظيم، أليس حقيقٌ بنا أن يكون لنا كتاباً نقرأه في الصبر وحبس النفس، ونفي الجزع والسخط..!؟ إن رجلاً جمع بين المزاح والحق، فكان أن قال لخادمه (يا ذا الأذنين) وهي مداعبة ظاهرة، وحق واضح، إذ أن كل إنسانٍ ذات أذنين اثنتين، ألا تستحق ذواتنا أن نتخذ من هذا الرجل، العظيم الرسالة، الكريم الخلق، الحبيب الودود، تطويراً لنا، ألا نجد في توغلنا لسيرته الطيبة، طريقاً للنجاح والشعور بالرضا والسلام الداخلي..! إن ديننا هو الشمولية الحقة، وفي قرآننا الشفاء المُبين، وفي السنة العلاج الأكيد، ولزاماً علينا أن نغير فكرة التطوير السائدة، فطاقة الجذب هي الثقة بالله تعالى وحسن ظن العبد به، أما سبيل النجاح والرضا والتفكير الإيجابي، وطرق تطوير الذات، فقد انصبت في الذات المحمدية، بأبي هو وأمي..! اللهم إني آمنت بك رباً، وبأعظم الخلق وأشرفهم نبياً ورسولاً، اللهم اجعلنا من زمرته في الآخرة، ومن المُقتدين به وبسنته في الدنيا، اللهم لا تحرمنا منه رؤىً في الدنيا، وحقيقةً في الآخرة، اللهم صلِ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. الجادل [email protected]