11 سبتمبر 2025
تسجيلظلت مصر تورد أموالا لحساب تركيا العثمانية، حتى ستينيات القرن الماضي، ولم يكن ذلك من باب الولاء لدولة زالت، ولكنها كانت زلة من جهاز الخدمة المدنية الذي يلتزم بقوانين «العادة» - تسأل موظفا لماذا اتخذ اجراء معينا فيقول لك: هكذا هو «النظام». في السودان صدر في ثلاثينيات القرن الماضي، أي في الحقبة التي كانت بريطانيا تستعمر فيها السودان، قانون يمنع إدخال الآلة الكاتبة (التابيرايتر) إلا بموجب تصريح صادر من وزير الداخلية، وكان الغرض من ذلك القانون منع التنظيمات السرية المناهضة للاستعمار الانجليزي من حيازة ذلك النوع من الطابعات، لإصدار منشورات تدعو الى جلاء الإنجليز من البلاد، وحسب علمي فما زال ذلك القانون ساريا رغم أن معظم مصانع الآلات الكاتبة أغلقت أبوابها بعد ظهور الكمبيوتر، والغريب في الأمر أنه كان بمقدور اي سوداني إدخال اي نوع من الكمبيوترات الى البلاد، بدون تصريح من وزارة الداخلية طوال الفترة التي كانت فيها الآلات الكاتبة محظورة، وبما أن الشيء بالشيء يذكر فلابد من الاشارة هنا الى ان حكومة صدام حسين لم تسمح للمواطنين العراقيين بامتلاك اجهزة الفاكس إلا في يوليو من عام 2000م، يعني قبل سقوطه بثلاث سنوات، وكان الفاكس وقتها قد أوشك على التقاعد بعد ظهور البريد الالكتروني!! طيب ممكن القول بان السودان والعراق من البلدان «المتخلفة»، ولكن ما قولكم في ان القانون البحري الفرنسي يمنع وجود الأرانب على متن السفن والقوارب، فقد قررت عائلة كيلن الهجرة من منطقة مانشستر الانجليزية والاستقرار نهائيا في اقليم نورماندي بفرنسا، ووضعت العائلة أمتعتها في سفينة صغيرة ثم صعد أفراد العائلة الى السفينة وكان الصغير لي كيلن يحمل معه أرنبين، ولكن مسؤولا في الشركة المالكة للسفينة أبلغه بانه لا يستطيع اصطحاب الارنبين معه! لماذا؟ لأن هناك قانونا صدر في القرن الخامس عشر يقول ان الأرانب «شؤم ونحس»، وأن وجودها على السفن يسبب الكوارث! ولم يكن امام العائلة من سبيل سوى ترك الأرنبين في مكاتب الشركة ليتم شحنهما إلى فرنسا جوا في تاريخ لاحق على متن طائرة بريطانية، لأن نحس الأرانب لا يسري في الطائرات! أذكر كيف أن أمي كانت تصرخ مفزوعة كلما رأت حذاء مقلوبا داخل البيت ونعله الى أعلى، لأن أهلنا النوبيين يعتقدون أن الحذاء المقلوب فأل سيئ، وكنت أسخر أيضا من أهلي الذين يعتقدون أن نثر مخلفات الدجاج على الطريق العام يجلب البركة للدجاج فيبيض ويفرخ أكثر!! وذهبت الى بريطانيا في السبعينيات وكنا في زيارة لعائلة في كيمبريدج في يوم شديد المطر وما إن فتح لنا أهل الدار الباب حتى دخلت ومظلتي لا تزال مفتوحة فوق رأسي، فإذا بصاحب الدار يطلب مني في أدب أن أخرج لأطوي المظلة ثم أدخل ثانية، وحسبت بادئ الأمر أن المسألة تتعلق بحرصه على ضمان عدم تساقط الماء الذي في المظلة على سجاد بيته، ولكنه شرح لي أن المظلة المفتوحة داخل البيت تجلب سوء الحظ!! وعلى مر السنين اكتشفت أن الغربيين المتحضرين، مثلنا أو أكثر منا إيمانا بالخرافات، فالفرنسيون مثلا يعتقدون أن المرأة الحامل التي تسمع نعيق البوم تلد بنتا، وبما أن البوم يعتبر طائر شؤم عند الفرنسيين فمعنى هذه الخرافة انهم يعتبرون البنت نفسها شؤما!!.. ويعتقدون أيضا أنه إذا حط العصفور المسمى بالزرزور على كتفك فإن ذلك يعني أنك ستموت قريبا.. واليهود الأورثودوكس يعتبرون المرأة الحائض مصابة بلوثة شيطانية، ويرغمونها على البقاء بمفردها في غرفة لا يدخل عليها فيها أحد خوفا من أن يطخه الشيطان، ويتركون لها الماء والطعام قرب الباب، لتتناولهما بعد أن يختفي من أتى بهما، لأن مجرد وقوع عينها على شخص كفيل بإلحاق الأذى بذلك الشخص، وبالمقابل فان أهلنا في شمال السودان يتفاءلون عندما تمشي العناكب فوق أجسامهم لأن ذلك بشارة بأن ملابس جديدة في الطريق إليهم، ولكنني كنت أضرب أي عنكبوت يمشي فوق جسمي فتصيح أمي: ستعيش طول عمرك مبهدل ومُقطّع! [email protected]