17 سبتمبر 2025

تسجيل

الحرب المزدوجة على الثورة السورية

05 فبراير 2016

تكشف المفاوضات بين المعارضة السورية ونظام بشار الأسد عن الكم الكبير من العداء الذي يختزنه المجتمع الدولي للشعب السوري، ومحاولة إنهاكه ودفعه إلى الاستسلام والخضوع للنظام العلوي المدعوم من إيران الفارسية الشيعية والمليشيات الشيعية وروسيا التي تخوض "حربا مقدسة" لدعم النظام المجرم في دمشق.العداء ضد الشعب السوري لا يقف عند حدود العلويين والشيعة وإيران والعراق وحزب الله ونظام السيسي وروسيا، بل يشمل أيضا أمريكا وأوروبا والأمم المتحدة إضافة إلى الأطراف العربية باستثناء قطر وتركيا، وهو عداء غير مسبوق في التاريخ لشعب يخوض ثورة للمطالبة بالحرية والكرامة والعدالة.الحصيلة حتى الآن 400 ألف شهيد ومليون جريح و 250 ألف معتقل في سجون الأسد، وتدمير 177 مستشفى وقتل 700 طبيب وممرض وعامل صحي، و50 ألف حالة اغتصاب، وتهجير 14 مليون سوري من ديارهم من بينهم 5 ملايين لاجئ، أي نصف الشعب السوري، وتدمير نصف المباني في كل المدن السورية في أضخم مأساة إنسانية منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، بحسب الأمم المتحدة.كل هذه الأرقام لم تفزع المجتمع الدولي ولم توقظ ضميره ولم "تنخز" أخلاقياته ليوقف بحر الدم الذي يرتكبه نظام الأسد العلوي المجرم ولا حلفاءه ورعاته الإيرانيين والروس، ولم يتحرك هذا المجتمع الدولي من أجل وقف أشرس إبادة جماعية لشعب بأكمله في الوقت الحاضر، لأن كل ما يهم ما يسمى "المجتمع الدولي" هو جلب الثوار والمعارضة السورية إلى طاولة المفاوضات في جنيف للتصالح مع هذا النظام البعثي العلوي المجرم، لإنقاذ هذا النظام من السقوط.كل ما يسمى بـ"المجتمع الدولي" شريك في الدم والقتل والإبادة للشعب السوري، الذي يقاتل الطاغية وحلفاءه وحيدا بدون "أصدقاء حقيقيين"، وهو شريك بالفعل والصمت والتآمر، فالطائرات الروسية والأمريكية تدعم الأسد ونظامه الدموي بشكل مباشر أو غير مباشر، ويبدو أن الجميع في هذا "المجتمع الدولي" متفقون على الإبقاء على هذا النظام لأنهم لا يثقون بالشعب السوري، ولا يجدون بديلا عنه "فلا بديل عن الأسد إلا الأسد" كما قالت صحافة الكيان الإسرائيلي.يذهب نظام الأسد المجرم إلى المفاوضات بينما تقوم الطائرات الروسية بحرق سوريا بالقنابل المحرمة دوليا، وتقوم المليشيات الإيرانية والعراقية واللبنانية الشيعية "حزب الله" بالقتال على الأرض، وتضييق الخناق على الثوار، وترتكب المجازر وتقتل المدنيين الأبرياء بالمئات، بينما ينشغل ما يسمى المجتمع الدولي بالضغط على الثوار والمجاهدين والمعارضين للاستسلام وقبول الأمر الواقع. ومع ذلك فإن أمريكا التي تقود المجتمع الدولي تجد أن مكاسب النظام وإيران وروسيا وحزب الله لا تبعث على القلق.لا شك أن وفد الثورة السورية للمفاوضات يواجه عددا كبيرا من الأعداء في جنيف، وعلى الرغم من ذلك لا يزال صامدا في وجه كل الضغوط، الروسية والامريكية والعربية، وأحسن هذا الوفد صنعا باشتراط وقف قصف المدنيين وإيصال المساعدات للمحاصرين وإطلاق المعتقلين كشروط للتفاوض، وهي الحد الأدنى لمطالب الشعب السوري.إيران وروسيا ونظام الأسد وحزب الله والمليشيات الشيعية العراقية يعملون على تغيير موازين القوى على الأرض، وتغيير المعادلة لصالح هذا الحلف الشيطاني، مما يجعل من المفاوضات مهمة مستحيلة للثوار الذي يخوضون حربا مزدوجة على الأرض وعلى طاولة المفاوضات، ويحسنون صنعا بالاحتفاظ بما يكفي من الرصاص في الميدان للتفاوض في جنيف، فهم لا يملكون من سند سوى بنادقهم بعد تأييد الله سبحانه وتعالى.