10 سبتمبر 2025

تسجيل

ثقافة الفقد

05 فبراير 2014

في وقت متأخر من الحياة، ندرك أمورًا اختبرناها، بها كنا نكبر، ننضج لو أنها آلمتنا، لقد كنا نمضي في الطريق الصحيح، دونما نعي لحظتها، أن ما قدّر هو أنسب ما يمكن أن يكون لنا، دون أن نختار، كان يكفي جدًا أن نرضى.إننا عندما نفقد شخصًا، فإننا نفقد المكان، اللحظة، العاطفة، وحتى استيعابنا أننا أقوياء بما يكفي لأن نكمل طريق الحياة دونه، وأن ذلك نهاية طريقه معنا ولكن ليست نهاية الحياة، ذلك الحدث ليس نهاية الجمال، ولا ختام السعادة، إنها طريقة جديدة للحياة، لربما تكون أبهى، حتى لو جاء في أولها وجع وبكاء.إننا عندما نفقد عزيزًا، لم نشأ أن تمر الأيام دون وجوده، ولكن حدث وأن رحل، كيفما كان الرحيل، إنما نفقد البهجة لمدة من الزمن، إننا فجأة نجد أننا انشطرنا مُجبرين، محزونين ولا عزاء للأسى، تتفلت الحيل من أكفنا، ولا استطاعة لنا ولا قوة على إرجاع أيام مضت، تجذبنا الأرض إلى السقوط، كأن الكون يتهاوى على رؤوسنا، بسمائه، ونجومه، ومجراته.ولكن، لعلّنا نجهل ما يسمى بـ "ثقافة الفقد"، إننا جميعًا كبشر، باعدت الأيام بيننا وبين عزيز علينا، وبغض النظر عن حالة الحزن التي تعترينا، ولكن إنما نحن بمرحلة تبلور ذواتنا، إننا نكتشف أنفسنا أكثر، في وحدتنا، نعثر على أشيائنا التي تلاشت وذابت وقت التحامنا بالذين فقدناهم، إن هذه الأشياء التي تعود للحياة من جديد، قد تكون سبيلنا إلى النجاح، لعله الانفجار الذي يحدث فنجدنا في عالم الإبداع، نسجل ما نخلقه في صفحة الخلود."ذلك تقدير العزيز العليم"..إن الحياة بأيامها وسنواتها وأحداثها، أكبر منا، أقسى من قلوبنا، أطول من أعمارنا، ولعلنا بقدر ما نتألم، نحن نفرح، بقدر ما نبكي، نحن نضحك، وبقدر ما نفشل، لابد أن ننجح، أن نؤمن أننا ننجح، يجب نتيقن بالرضا أن كل ما يحدث لنا، أو ما خُبئ عنا، هو تقدير العزيز العليم، الأعظم من تخيلاتنا عن الفرح، الأعلم بما ينفعنا، وما يضرنا أيضًا.فبعد الحمدلله، إنني أسرّ الشكر..شكرًا لكل شخص فقدته، أضفى الجمال على بعض أوقاتي ورحل، شكرًا أنني معكم قضيت أيامًا صنعت ذاكرتي، شكرًا للكتف التي استندت عليها عندما احتجت ذلك، شكرًا للخط الذي فُتح عندما كان رقمي يتصل بكم، شكرًا على النصيحة، على التوبيخ، على الزعل وعلى الرضا، وشكرًا للأيام التي جمعت كفيها لتقربنا، ثم فرقتها لنفترق، شكرًا جزيلًا.