17 سبتمبر 2025

تسجيل

ماكو إنجازات

05 يناير 2021

كل علاقتي بكل سنة غريغورية جديدة (هي ما يسميه العرب "ميلادية" ولكن الغربيين أتباع المسيح يسمونها غريغورية، نسبة للبابا غريغوري الثالث عشر الذي قام بتعديل التقويم الجولياني، بخصم ما بين يومين الى ثلاثة من شهر فبراير، وذلك البابا ومن سبقوه يعرفون أن التقويم الجولياني لم يبدأ بيوم مولد المسيح عليه السلام). المهم أن كل علاقتي بكل سنة جديدة هو الفرح باقتناء الأعداد الخاصة من المجلات المحترمة التي تحوي أهم أحداث وإنجازات العام الذي ينقضي بانقضاء شهر ديسمبر، وسأصلي صلاة الشكر عندما يرحل عام 2020 الذي يخيل إليّ أنه يتألف من 17 شهرا. عموما لدي الأعداد الخاصة بالأعوام "المنقضية" لمجلتي تايم ونيوزويك الأمريكيتين لنحو ربع قرن، مما يعني أن لدي موسوعة مصغرة للأحداث المهمة على مدى تلك الفترة، وهذا أمر مهم بالنسبة لشخص تفقد ذاكرته مائة ميغابايت كل شهر، لا بارك الله في الهواتف الذكية التي خربت ذاكرتها الالكترونية ذاكرتي، وعطلت معظم فصوص دماغي. ومنذ أن بدأت كتابة الأعمدة اليومية والأسبوعية، وأنا أكتب مقالاً بنفس المفردات عن الإنجازات في العالم العربي في ديسمبر من كل عام، وأقول في كل مرة وبضمير مستريح للغاية إنه لا يوجد فيه (العالم العربي) إنجاز ولا تطور ولا تقدم، بل وفي كثير من بلدان العرب تحول الوضع من سيئ إلى (متنيل بستين نيلة). ولمعلوماتك العامة فالنيلة هي زهرة الغسيل الزرقاء، والكلمة أصلاً هندية (نيلم)، وكانت فيما مضى تباع كمسحوق في أكياس، وكانت النساء في مصر يضعن النيلة على رؤوسهن تعبيراً عن الحزن عند وفاة شخص عزيز، وهكذا ارتبطت النيلة بالطالع السيئ، وإذا قال لك مصري "جاتك نيلة"، فقل "حوالينا ولا علينا يا رب"، فهو يتمنى لك مصابا أليما، ولكن من حيث لا يقصد، لأن ارتباط النيلة بوفاة عزيز، لم يعد معروفا لدى الكثيرين من المصريين المعاصرين. كل شيء عندنا راكد، فالكبسة ما زالت تطبخ بنفس الطريقة التي كانت تعدها بها عبلة لعنترة من وراء ظهر أهلها، وعندنا في السودان نعد الويكة وهي البامية المجففة بنفس الطريقة التي كان يعدها بها جدي التاسع والتسعون على الحطب، ومصر التي اخترعت الطعمية صارت تشتريها من الأمريكان بعد أن طرحت محلات ماكدونالدز للوجبات السريعة سندويتشاً للطعمية باسم دلع خواجاتي (ماك فلافل)، ثم سجل الإسرائيليون الفلافل باسمهم في أوروبا، والأمريكان سرقوا منا الكفتة وبطحوها وسطحوها وأسموها بيرغر، فصرنا نتهافت على أكلها، وعموما فإننا لا ننقل عن الغرب ايجابياته من حيث احترام حق المواطن، واحترام المواطن واجباته، ولم نأخذ عن الغربيين حب العمل والانضباط واحترام المال العام والانضباط؛ تركنا آينشتاين وهوكنز ونيوتن وكوبيرنيكس، وفليمنغ، وسرنا وراء مايكل جاكسون وجاستن بيبر ومادونا (وما دونهم). وهكذا تجد جيلين لدينا لا يعرفون شيئاً عن عمرو بن العاص ولكنهم يعرفون لون الملابس الداخلية المفضلة لعمرو دياب. موضة الميني جيب (التنورة التي فوق الركبة) انتهت في أوروبا في سبعينات القرن الماضي ولكنها انتشرت عندنا وبائياً مع مطلع القرن الجديد. نانسي عجرم صارت سفيرة نوايا حسنة في الأمم المتحدة، وكلفها ذلك 14 جراحة تجميل، ورغم أن ذلك يجعل منها امرأة مفبركة إلا أنها صارت مثلا أعلى للكثير من فتياتنا، وحتى كبار السن يلعنون العجرمية علنا ثم يهمسون سرا: اللهم عجرم نساءنا. قابلت في عيد الأضحى الماضي في السودان طفلة جميلة في الثانية من العمر، وكانت ترتدي فستاناً أكتافه وأطرافه من الخيوط السميكة، فقلت لها مداعباً: لماذا رضيت لبس هذه الهلاهيل القديمة الممزقة، فقالت: يا عمو أنت ما بتعرف؛ دي لبسة اسمها نانسي عجرم، فقلت: أنعم وأكرم! ثم وجدت لها العذر لأن المرأة المصرية هي التي ابتكرت الجلابية النسائية، ولما جارتهم العجرمية وصارت تظهر بها على المسارح، صار اسمها جلابية نانسي عجرم. [email protected]