11 سبتمبر 2025

تسجيل

البورصات الخليجية وآفاق عام 2014

05 يناير 2014

بعد معاناة طويلة استمرت خمس سنوات استعادت البورصات الخليجية حيويتها وجاذبيتها للمستثمرين المحليين والأجانب لتحقق مكاسب كبيرة في النصف الثاني من العام المنصرم 2013 وهو ما أشرنا إلى إمكانية تحقيقه في بداية العام الماضي.وبداية من بورصة دبي التي حققت مكاسب تجاوزت 106% لتحقق أكبر مكاسب على مستوى العالم، كما حقق مؤشر بورصة العاصمة أبوظبي نسبة نمو بلغت 63% والسوق السعودية 25% والقطرية 24% وحققت بقية البورصات الخليجية مكاسب كبيرة ووصلت مؤشراتها معظمها إلى مستويات ما قبل الأزمة وانتعشت معها أسعار الأسهم ليحقق بعضها نسب نمو تجاوزت 200%.ومع أن الأسواق الخليجية استعادت عافيتها متأخرة نسبيا، إذا ما قورن ذلك بالأسواق الأخرى، إلا أنها تعافت بوتيرة سريعة ومفاجئة، وذلك بفضل العديد من العوامل الاقتصادية والجيوسياسية السائدة، حيث ألقت الأوضاع في المنطقة، وبالأخص في البلدان العربية والتوترات الناجمة عن البرنامج النووي الإيراني بظلال قاتمة على الأسواق المالية.ومع استقرار الأوضاع في مصر واتفاق البلدان الخمسة الكبرى مع إيران بدأت تلوح في الأفق بوادر استقرار سياسي في الشرق الأوسط، مما شجع أولا على عودة رؤوس الأموال وإلى جذب استثمارات أجنبية كبيرة لأسواق المال الخليجية، مما أدى إلى تغطية كامل حصة الأجانب في مشتريات أسهم بعض البنوك المدرجة والتي استجابت لهذا الإقبال من خلال رفع حصة الأجانب من 15 إلى 25%.لقد كان لهذه التطورات السياسية دورا حاسما في انتعاش أسواق المال الخليجية، فالأوضاع الاقتصادية كانت مهيأة للنمو منذ عامين بفضل استقرار وقوة الاقتصادات الخليجية والمدعومة بأسعار النفط المرتفعة. ومع تحسن الأوضاع السياسية، فقد تلقت الأسواق المالية دفعات قوية للعودة لمستوياتها السابقة.وإضافة إلى ذلك، فقد أسهمت بعض التطورات، كفوز دبي باستضافة معرض اكسبو 2020 في دعم سوقي أبوظبي ودبي ورفدهما بمكاسب تجاوزت 50 مليار درهم (13.6 مليار دولار) كما أن الإعلان عن أرقام بعض الموازنات الخليجية، كالإمارات والسعودية وصدورهما بأحجام إنفاق قياسية أسهم بدوره في تقديم دعم إضافي للأسواق المالية، حيث يتوقع أن تصدر بقية الموازنات الخليجية بصورة مشابهة.ومع أن بعض المستثمرين مازال متخوفا من الولوج مجددا لأسواق المال الخليجية، وذلك بسبب تجربته السابقة، حيث يرجع ذلك إلى عوامل نفسية أكثر منها موضوعية، مما يتطلب القيام بتحليل موضوعي للخيارات الاستثمارية المتاحة في الأسواق الخليجية، وبالأخص بعد الدخول القوي للمحافظ والمؤسسات ورؤوس الأموال الأجنبية.لا شك أنه ستصاحب هذه الارتفاعات الكبيرة للأسواق عمليات مضاربة وجني للأرباح، وهذه مسائل طبيعية لا تخلو منها أي سوق مالية في العالم، إلا أن معظم الارتفاعات تعتبر منطقية وتعكس نسب العائد على الأسهم والأداء الجيد للشركات، في حين مازالت أسعار بعض الأسهم خاضعة لأمزجة المضاربين، وبالأخص أسهم الشركات الصغيرة والرخيصة نسبيا، علما بأن بعضها مازال في حالة التعافي، كما أن البعض الآخر مازال يعاني من مشاكل هيكلية تتعلق بالسيولة وطبيعة عمل الشركات، كقطاع النقل البحري على سبيل المثال.من هنا، فإنه من الضرورة بمكان أن يحسن المستثمرون، خصوصا الصغار منهم الاختيار من خلال الاستثمار في أسهم الشركات والمؤسسات التي تتميز بأداء عال وتوزيعات مجزية مع الابتعاد قدر الإمكان عن المضاربات، فأسواق المال الخليجية يتوقع أن تشهد المزيد من التحسن في العام الحالي، كما ذكر ذلك بصورة صحيحة صندوق النقد الدولي الذي أكد أن عام 2014 سيكون عاما مميزا لأسواق المال الإماراتية، مما يجعل من عملية الاستثمار مجدية على المدى الطويل، وذلك بفضل إمكانية استقرار أسعار وعائدات النفط والتي توفر بيئة جيدة للنمو الاقتصادي ونمو قطاع الأعمال بدول المجلس في الفترة القادمة، بما فيها الشركات المدرجة في البورصات الخليجية.