13 سبتمبر 2025

تسجيل

لماذا السياسات الثقافية؟

04 ديسمبر 2023

راق لي أن يخصص منتدى دراسات الخليج الذي نظمه المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في الدوحة مطلع هذا الأسبوع، مساراً للحديث عن السياسات الثقافية في المنطقة. وعاما بعد عام يثبت منتدى دراسات الخليج والجزيرة العربية، بصيرته الثاقبة في اقتناص موضوعات غير مطروحة مسبقا رغم حاجتنا الماسة للتفكير الجدي بها وفق المتغيرات العالمية السريعة جدا والتي تكاد تصل إلى حد وصفها بالانقلابات الثقافية والفكرية. وهنا تكمن أهمية وجود المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات وغيره من المراكز البحثية المشابهة في المنطقة والتي تعتبر تقليدا مؤسسيا جديدا لم تعتد المنطقة الخليجية التعامل معه بجدية قبل ثلاثين عاما بسياق واقع نمت فيه الأفكار السياسية في بيئة تشجع على الفردية وأحيانا العشوائية. ورغم أن هذه الدورة هي الدورة العاشرة من منتدى دراسات الخليج والجزيرة العربية إلا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، إلا أن ما تراكم من نجاحات له تشير إلى سياسته الجدية في تكوين إرث بحثي بمستوى عالمي لمنطقة الخليج والجزيرة العربية على صعيد الدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وهو ما أصبحنا نعايشه في كل ما قدمه المنتدى من إسهامات آخرها الندوة التي انتهت أعمالها مساء أمس الأحد. تعد السياسات الثقافية عادة أداة قوية وضرورية في تحقيق التنمية الشاملة وصون التراث الثقافي. وتتمثل أهميتها في تعزيز التفاعل الثقافي والتعاون الدولي، وتشجيع الإبداع والابتكار، وتعزيز هوية الدولة وتعزيز الانتماء الوطني، إذ يتم تنفيذ هذه السياسات من خلال توجيه الاستثمار في الثقافة والفنون وتعزيز الوعي الثقافي في المجتمع. وفي ندوات المسار حاول المنتدون استكشاف أهمية فكرة السياسات الثقافية في دول الخليج ودورها في تعزيز التنمية المستدامة والحفاظ على التراث الثقافي الغني للمنطقة، بالإضافة إلى إثبات دورها الحاسم في تحقيق التنمية المستدامة من خلال دعم القطاع الثقافي والفنون، إذ توفر فرص العمل وتعزيز الابتكار وتنمية المهارات. كما يساهم الاستثمار في الثقافة في تنمية البنية التحتية الثقافية، مثل إنشاء المتاحف والمراكز الثقافية والمسارح، وبناء قدرات الفنانين والمبدعين المحليين عادة. ومن أفضل أدوار السياسات الثقافية أنها تعمل كمحفز للتنمية الاجتماعية والاقتصادية، وتعزز التنمية المستدامة على الصعيد الثقافي وتعيد النمو الاقتصادي. لكن من الواضح، بعد أن استمعت لجميع المشاركين في المنتدى أن دول الخليج تواجه تحديات متنوعة في تحقيقها على أرض الواقع. على صعيد الحفاظ على المباني التاريخية والمواقع الأثرية والتراث اللغوي والفلكلور والحرف التقليدية، وإن كانت بعض دول المنطقة انتبهت مبكرا لتلك التحديات وأصبحت مواجهتها جزءا من السياسة العامة للدولة. من خلال تعزيز الوعي الثقافي وتجويد التعليم، بما في ذلك برامج التعليم الثقافي في المدارس والجامعات. بالإضافة إلى ذلك، تعزز السياسات الثقافية الوصول إلى الفنون والثقافة للشباب والمجموعات من ذوي الاحتياجات الخاصة، مما يعزز التنمية الشاملة والمشاركة الاجتماعية. ورغم الاختلافات بين أفكار المشاركين في المنتدى في مساره الثقافي أجمعوا على تبني فكرة تقول إن السياسات الثقافية تعمل على تعزيز الهوية الوطنية وتعزيز التواصل الثقافي بين دول الخليج والعالم. ومن الواضح أن تلك دراسة تلك السياسات ورصدها وتطويرها وتبادل الأفكار الكامنة فيها مع ما يقابلها لدى الآخرين في العالم أصبحت ضرورة ملحة في دول الخليج العربية. وأنا أظن أن الدول الخليجية الستة في طريقها لتحقيق ذلك بوجود جيل شاب انتبه لهذا السياق كما اتضح من خلال استعراض أسماء المشاركين والمشاركات في المنتدى من الشباب العربي والخليجي تحديدا.