11 سبتمبر 2025

تسجيل

السياسة الأمريكية المقبلة ماذا ستكون؟

04 ديسمبر 2016

في مؤتمر السياسات العالمية التاسع في الدوحة منذ أسبوعين،نوقشت محاور هذا المؤتمر مرحلة ما بعد الانتخابات الأمريكية،وما توقعات مسار هذه السياسة، لكنني فوجئت أن التوجس من السياسة الأمريكية المقبلة، ليس من العرب والصينيين والكثير من دول آسيا وإفريقيا وحدهم؟ بل إن الخوف والارتياب أيضاً من هذه السياسة حتى من الأوروبيين أنفسهم، على الرغم من العلاقة بينهما الكبيرة على كل الأصعدة، ناهيك عن التحالف الاستراتيجي والعسكري والاقتصادي بينهما، وهذا لم يخطر على بال الكثير من الحضور، تجاه السياسات الأمريكية المقبلة، التي جاءت بسبب التصريحات التي قالها ترامب في مناسبات كثيرة قبل الانتخابات، وقد تحدث بعض السياسيين والخبراء الأوروبيين في المؤتمر عن هذا التحول المتوقع، وأعربوا عن تخوفهم من تغيير في السياسة المقبلة، خاصة في الجانب الاقتصادي على وجه الخصوص، وإلغاء بعض اتفاقيات مثل اتفاقية (الجات) مع أوروبا، وهذا ما يجعل التوجس قائما بينهم،وقال ريتشارد تشارنيسكي نائب رئيس البرلمان الأوروبي، أن هناك عدم يقين في سياسة واشنطن من قبل الأوروبيين خاصة بعد انتخاب السيد دونالد ترامب رئيسا للإدارة الأمريكية ،مؤكدا أن "أمريكا لا يمكن الاستغناء عنها في مفهوم الغرب وفي ظل حالة التردي التي يعيشها الاتحاد الأوروبي منذ اتفاق روما ، فالأزمات التي تضربه هي الأسوأ منذ الحرب العالمية الثانية سواء الأزمات الاجتماعية أو الثقافية أو بروز الأنانية وإعلاء الهوية الوطنية في كل دوله". ولا شك أن السياسة الأمريكية، ستتغير في الكثير القضايا العالقة التي تحدث عنها ترامب خاصة ما تعانيه الولايات المتحدة من البطالة، بسبب العولمة والاتفاقات الدولية المتعلقة بالجانب الاقتصادي وغيرها من القضايا التي أثارها في الحملة الانتخابية، ودغدغت مشاعر الأمريكيين، خاصة بروز سياسة الانعزالية تجاه قضايا العالم الاقتصادية على وجه الخصوص، والسياسة الأمريكية ثابتة تجاه قضايا تتعلق بالمصالح الأمريكية الإستراتيجية، ومنها أمن إسرائيل، وتفوقها العسكري على جيرانها،وهذه من الثوابت التي لا تتغير مع توالي الأحزاب السياسية الأمريكية على الحكم في الولايات المتحدة، صحيح هناك تغيرات في السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الشرق الأوسط، خلال السنوات الأخيرة.لكن التوقع أن الجمهوريين, وفق تاريخهم السياسي،لن يقبلوا بان تتقدم عليهم روسيا وتتحداهم في تحركاتها في الأزمة السورية، ورفضها قبول الطلبات الأمريكية في مناسبات عديدة ومنها في الأمم المتحدة، وهو توقف القصف الروسي على المناطق الآمنة وخاصة مدينة حلب وغيرها من القرى التي معظم قتلاها من السكان المدنيين، حيث أن إدارة الرئيس أوباما،لم تتخذ من الموقف الروسي الرافض لوقف القصف، موقفاً حازما، على الرغم من التصريحات الرسمية الأمريكية، واللقاءات الجانبية، واعتبر البعض أنها أضرت بالسمعة الأمريكية ومكانتها السياسية، كدولة تتحداها روسيا علناً، ويرى البعض أنهم لن يسكتوا عن المواقف الروسية الحالية في روسيا، وسوف يكون لهم مواقف أخرى مختلفة في إدارة الرئيس ترامب، تتحرك وفق إستراتيجيتها السياسية والعسكرية ـ إذا ما أرادت ذلك، وخاصة أن الجمهوريين لهم رؤية معروفة تجاه التحدي لهم، وهذا توجه عرفته إدارات الجمهوريين من أكثر من القرن، لكن المواقف الأمريكية المقبلة في سياسة الرئيس ترامب، لن تخرج كثيراً عن الثوابت التي عرفتها الولايات المتحدة، لكن هناك تغييرات سوف تبرز، مع استلام الرئاسة في أوائل العام المقبل، لكن التوقعات أن الخلاف مع إيران سوف يظهر، لربما بسبب ـ كما يقال ـ أن بعض السياسيين من الحزب الجمهوري، ليسوا راضين من الاتفاقات النووية بين الولايات المتحدة وإيران، وان هذا الاتفاق لم يثن إيران عن تحركاتها النووية، أو عدم التزامها بالاتفاق، لكن تظل الولايات المتحدة، تحكمها مؤسسات كبيرة، وخبراء صناع القرار، وغيرها من المؤسسات التي تضع تحركاتها وفق ثوابت سياسية، وليس وفق أفراد مهما كانت مكانتهم، فهي تقدم مصالحها على الكثير من العلاقات السياسية مع العالم الخارجي، وهذا ما يراه البعض هو الذي يسّير السياسات الأمريكية وتحولاتها الإستراتيجية.