15 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); يمثل مؤتمر الرياض للمعارضة السورية المزمع عقده بين الثامن والعاشر من الشهر الجاري فرصة، ربما أخيرة للتوصل إلى وثيقة تتوافق عليها مختلف فصائل المعارضة المعتدلة حول المفاوضات والمرحلة الانتقالية. ويقينا لا تمتلك قوى المعارضة السورية ترف الاختلاف في وقت يسعى فيه وزير الخارجية الأمريكي جون كيري عقد مؤتمر وزاري للمجموعة الدولية لدعم سوريا في نيويورك في الثامن عشر من الشهر الجاري حتى يتنسى إصدار قرار دولي بمخرجات الاجتماع وكذلك خطة لوقف إطلاق النار. وتأتي هذه الاجتماعات بعد أن خلق اجتماع فيينا زخما جديدا وبعد أن تبيّن الدب الروسي أن هناك ثمنا باهظا للتورط العسكري في سوريا وأن هناك ضرورة لمخرج من المستنقع السوري. واستضافة الرياض لهذا المؤتمر جاءت بتكليف من لقاء فيينا لــ «مجموعة الدعم الدولي لسورية» وبالتالي فهناك ما يشير إلى أن قواعد اللعبة آخذة في التغيير، فالقرارات التي ستتوصل إليها المعارضة السورية ستشكل مرجعية هامة للوفد السوري المعارض في المفاوضات القادمة. ويقينا أن الرياض أيضا تتفهم ضرورة إنجاح مهمة المعارضة لأن التكليف جاء في لقاء فيينا واحتوى مرجعية بيان جنيف واحد الذي ينص على انتقال سياسي في سوريا. فالسعودية ما انفكت وهي تتحدث عن ضرورة التغيير في سوريا والتخلص من بشار الأسد سلما وفي بعض المرات هددت بالتدخل العسكري. أهمية اللقاء أنه جاء كأحد مخرجات لقاء فيينا الذي ساهم فيه كل من روسيا وإيران ما يعني أن هناك اعترافا غير مباشر من داعمي بشار الأساسيين بشرعية المعارضة.. وهذا بدوره سيؤسس لمرحلة جديدة وبخاصة عندما تبدأ المفاوضات بين النظام والمعارضة في مطلع العام القادم. وعلى نحو لافت تأتي الموافقة الروسية والإيرانية على شرعية المعارضة السورية بعد أن ألحقت المعارضة هزيمة عسكرية بإيران وحزب الله وقوات بشار الأمر الذي دفع كل هذه الاطراف بالاستنجاد بروسيا لمنع انهيار سوريا المفيدة، لكن حتى الروس يعوون جيدا أن هناك حدودا لقوتهم وأن الأمر برمته سيتحول إلى مستنقع يعيد للأذهان تجربة أفغانستان المريرة، ويعرف الروس أكثر من غيرهم أن قواتهم ستكون مقيدة كثيرا إن نفذت قطر والسعودية خطة عسكرية في سوريا وإن أصبح هناك تحول في موقف الولايات المتحدة، لذلك ربما من مصلحة روسيا التوصل إلى اتفاق يحفظ ماء الوجه قبل أن يصبح الوضع متأخرا جدا. في المقابل، يتعين على المعارضة السورية أن تدرك أنها لا تمتلك ترف إضاعة فرصة التوافق، فبعد أن فشلت إيران وسوريا في ابتزاز العالم بذريعة داعش يسعى المجتمع الدولي إلى رؤية معارضة سورية حقيقية تمتلك بديلا عمليا، لذلك تقع على مسؤولية المعارضة في اجتماعها في الرياض التفكير مليا ليس فقط على تشكيل وفد للتفاوض وإنما أيضا بتقديم خارطة طريق سياسية للانتقال في سوريا. فهي تأخرت كثيرا في هذه المهمة ولهذا تبدو أنها أحوج ما تكون لمثل هذه الخطة. وفي سياق متصل، نشر «مجموعة الخبراء السوريين» المكونة من برهان غليون ورياض حجاب وحازم نهار ومروان قبلان وشمس الدين كيلاني ومحمد صبرا وحسام الحافظ وسمير سعيفان وريضا حجاب مسودةً مقترحة لمشروخ خطة للانتقال السياسي في سورية. والمسودة تعكس نضجا لدى هذه المجموعة إذ قدمت رؤية لدولة مدنية ديمقراطية تعددية وتطالب بتوافق وطني سوريا وهو بالضبط ما تحتاج إليه سورية إن قدر لها أن تبقى دولة تحافظ على سلامة أراضيها. والحق أن المسودة المقترحة لا تكفي، فالأهم من وجهة نظري هو وجود إرادة سياسية لدى القوى المكونة للمعارضة السورية لوضع الخلافات جانبا والارتقاء إلى مستوى اللحظة التاريخية لانتهاز فرصة قد لا تلوح مرة أخرى لسنوات. صحيح أن هناك فهما كبيرا لدى بعض النخب السورية بضرورة توحيد الموقف لكن تطور مسار الأحداث وانشغال المعارضة بالخلافات أضعف من فرصها في السباق، وهذ درس يتعين استبطانه مرة وللأبد حتى يتسنى للشعب السوري أن يحقق مراده في التحرر والاستقلال. المجموعة التي ستلتقي بالرياض تتألف من شخصيات لن يتمكن بشار أو حلفاؤه من وصمهم بالإرهاب، وهذا أمر جيد لكن من المفيد علميا لهذه المجموعة أن تقدم البراهين على تماسكها خلف فكرة انتقال سياسي للحكم وإقامة دولة ديمقراطية حقيقية لا تقصي أحدا، فهذه الفكرة هي من يحرج الأسد وداعميه وتسحب البساط من تحت أقدامهم بعد أن أمضوا فترة طويلة من الزمن متذرعين بوجود الإرهاب لتفادي استحقاق التغيير. إذن سينظر العالم صوب الرياض الأسبوع المقبل لمعرفة إن كان هناك بالفعل معارضة معتدلة تمتلك رؤية وبديلا وخطة خارطة طريق لبناء سوريا على أسس عصرية مختلفة.