15 سبتمبر 2025

تسجيل

الصمت أفضل من الكلام

04 ديسمبر 2014

إن آفات اللسان أسرع الآفات للإنسان وأعظمها في الهلاك والخسران فالأصل ملازمة الصمت إلى أن يتحقق السلامة من الآفات والحصول على الخيرات، فالمسلم يخاف الله يرجو رحمته ويخشى عذابه فلقد خلق الله تعالى الإنسان لغاية وأسمى هذه الغايات العبادة، فلقد منّ الله علينا بنعم عظيمة وجليلة وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها ومن هذه النعم الجوارح التي ينبغي على كل إنسان توظيف هذه الجوارح وتسخيرها في طاعة الله تعالى والقرب منه حتى تكون هذه الجوارح لنا نعمة وليست نقمة ومن هذه الجوارح اللسان، فهو نعمة عظيمة من نعم الله عز وجل له في الخير مجال واسع وله في الشر ذيل طويل فمن أطلق لسانه وسلك به سبل الشيطان فإن مصيره الهلاك بلا شك، يتوقف الإنسان عن الكلام ولا يقدر الصمت ويصفق دائما لمن يتحدث أكثر ويصفه بالانفتاح والحضور والاجتماعية وسعة الأفق فإذا تم العقل نقص الكلام لذا قيل أن الصمت زينة بدون حلية وهيبة بدون سلطان وحصن بدون حائط يقول صلى الله عليه وسلم: (من صمت نجا) رواه أحمد.أي من صمت عن النطق بالشر فهذا من فصل الخطاب وجوامع كلمه صلى اللّه عليه وسلم وجواهر حكمه ولا يعرف ما تحت كلماته من بحار المعاني إلا خواص العلماء، وذلك أن خطر اللسان عظيم وآفاته كثيرة من نحو كذب وغيبة ونميمة ورياء ونفاق وفحش ومراء وتزكية نفس وخوض في باطل، ومع ذلك إن النفس تميل إليها لأنها سباقة إلى اللسان ولها حلاوة في القلب وعليها بواعث من الطبع والشيطان، فالخائض فيها قلما يقدر على أن يلزم لسانه فيطلقه فيما يحب ويكفه عما لا يحب، ففي الخوض خطر وفي الصمت سلامة مع ما فيه من جمع الهم ودوام الوقار وفراغ الفكر للعبادة والذكر والسلامة من تبعات القول في الدنيا ومن حسابه في الآخرة، ولا ينجو الإنسان من شر اللسان إلا من قيده بأمور الشرع فلا يتكلم إلا بما ينفعه في الدنيا والآخرة واللسان أعصى الأعضاء على الإنسان وهو أعظم وسيلة يستخدمها الشيطان ضد بني آدم، ومن هنا فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ رضي الله عنه (كف عليك هذا يعني اللسان فقال يا رسول الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال صلى الله عليه وسلم: ثكلتك أمك يا معاذ وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم) رواه أحمد، لذلك يجب على كل مسلم امتلأت نفسه رضا وطمأنينة بروح الإيمان الندية وخالطت نفسه تعاليم الإسلام وهدايته السمحة، أن يعلم أن اللسان له تبعات خطيرة ربما تكون سببا لحتف الإنسان في المهالك لذا يجب أن يحفظ لسانه من كل سوء ومن اللعن والسب والشتم وما يكون سببا للقطيعة بين المسلمين، ويبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم الذروة في اجتثاث عوامل الشر والحقد والعدوان من النفوس، فالمتكلم بالباطل شيطان ناطق عاص لله ولقد صدق من قال عثرة القدم أسلم من عثرة اللسان وإياك أن يضرب لسانك عنقك فضربة اللسان أسوأ من طعنة الرمح وكلام المرء بيان فضله، وترجمان عقله، وإن بلاء الإنسان من اللسان أما أهل الاعتدال وهم أهل الصراط المستقيم الذين ساروا على هدي الإسلام وتعاليمه فقد كفوا ألسنتهم عن الباطل وأطلقوها فيما يعود عليهم نفعه في الدنيا والآخرة فلقد شبـه الله سبحانه وتعالى الكلمة الطيبة بالشجرة الطيبة التي يبارك الله سبحانه في ثمارها فتؤتي أكلها بإذن ربها، فالصمت ليس محمودا على الإطلاق والكلام أيضا بل يبقى لكل مقام مقال.