18 سبتمبر 2025

تسجيل

وقود الثورة

04 ديسمبر 2013

يبدو أن الانقلابيين لم يشبعوا بعد من دماء المصريين التي سفكوها في كل المذابح التي ارتكبوها بدءا من مذبحة جامعة القاهرة قبل الانقلاب بأيام، والتي راح ضحيتها ما يقارب العشرين من خيرة شباب مصر، ومرورا بمذابح الحرس الجمهوري والمنصة وفض اعتصامي رابعة والنهضة، ثم مذابح رمسيس وأبو زعبل، وصولا إلى مذابح الإسكندرية وغيرها من محافظات مصر التي انتفضت ضد هذا الانقلاب الذي لم يصادر فقط إرادتهم بل وجودهم ذاته فيما بعد. فها هي السلطة الانقلابية توغل في دماء المصريين مجددا، لكن هذه المرة في دماء طلاب جامعة الأزهر، التي كان لها النصيب الأكبر في عدد الشهداء الذين ارتقوا خلال المذابح السابقة، لكن الانقلابيين أبوا إلا أن يخصوهم بمذبحة جديدة في ظل إصرارهم على الاستمرار في الفعاليات الاحتجاجية المناهضة للانقلاب. وتأتي مذبحة طلاب الأزهر لتمثل سابقة جديدة تضاف إلى سوابق سجل الانقلابيين في تخطي كل الخطوط الحمراء التي لم يستطع حتى المحتل الأجنبي وهو يدنس تراب الوطن أن يتخطاها. بدءا من سابقة استحلال الدم المصري بهذه الصورة غير المسبوقة في عدد الشهداء، ومرورا باقتحام المساجد وحرقها ومنع المصلين من الصلاة، وصولا إلى اعتقال النساء وتعذيبهن. والآن اقتحام الجامعات كما حدث في جامعة الأزهر وجامعة أسيوط وغيرها، ثم اقتحام المدن الجامعية، حينما قامت قوات الانقلاب في منتصف ليل 20 نوفمبر باقتحام المدينة الجامعية لطلاب الأزهر وقتل وجرح العشرات واعتقال الآخرين. ورغم أن ما تقوم به سلطة الانقلاب ضد طلاب الأزهر يأتي في سياق مواجهتها لكل صوت معارض لها، إلا أنها تخص هؤلاء الشرفاء بحجم أكبر من القمع بسبب الصمود الكبير الذي أبدوه خلال الفترة الماضية. وهو الصمود الذي كانت تتخوف منه تلك السلطة حتى أنها أمرت المسؤولين في جامعة الأزهر بتأجيل الدراسة فيها أكثر من مرة على أمل القضاء على الاحتجاجات المناهضة للانقلاب قبل بدئها حتى لا ينضم الطلاب إليها وبالتالي تزيد أعباء المواجهة. ورغم السوابق التي ارتكبها الانقلابيين، إلا أن اللافت تلك الجرأة على جامعة الأزهر وطلابها، والتي يمكن تفسيرها بسببين أصيليين: الأول هو أن الانقلاب يرى في الدين وكل ما يمثله ومن يمثله عدوا يجب القضاء عليه لأنه يعطي صمودا غير عادي لمناهضي الانقلاب. ولذلك رأيناه يستهدف كل ما هو ديني سواء المساجد أو الملتحين والمنتقبات، ثم استهدافه لجامعة الأزهر وطلابها على اعتبار أنهم يمثلون هذا الدين. أما السبب الثاني فيتمثل في تحالف شيخ الأزهر أحمد الطيب وبعض قياداته مع الانقلابيين ضد إرادة الشعب المصري، حتى أن الطيب شارك في بيان الانقلاب الأول وألقى كلمة أكد فيها تأييده له، ثم توالت بياناته في كل مناسبة ليعيد فيها موافقته على كل الإجراءات الانقلابية. ثم جاءت سابقة قيام رئيس جامعة الأزهر بمطالبة قوات الجيش والشرطة لاقتحام جامعة الأزهر ومطاردة الطلاب المتظاهرين ليعطي الانقلابيين مبررا جديدا للقيام بمذبحة ضد هؤلاء الطلاب. ثم قامت بتكرارها مرة أخرى ضدهم عند اقتحامها للمدينة الجامعية. ينسى الانقلابيون كما ينسى كل المستبدين والمحتلين على مر التاريخ، أن الدماء لا تدفع المعارضين للتراجع، بل تزيدهم إصرارا وصمودا، خاصة إذا كان الصراع بين الحق والباطل كما هو الآن. ولذا فإن دماء طلاب الأزهر ستكون وقودا جديدا لثورة الشعب المصري ضد كل هؤلاء الظالمين والانقلابيين.