11 سبتمبر 2025

تسجيل

الصورة المقلوبة

04 ديسمبر 2013

أسئلة عديدة تداعت بعد جلسة الصالون الثقافي التابع لوزارة الثقافة والفنون والتراث عندما تناول موضوع أزمة الفكر العربي، فهنا يحق لنا أن نتساءل: ما هي المسببات؟ هل العيب بالغير أم بضعفنا وانهزامنا؟ مَنْ زيّف وعينا؟ من شوش علينا الرؤية؟ من اختطف الأصوات من شعوبها وأفرغ القيم من مضامينها؟! حتى لم يعد بعضنا يرى الأشياء بكليتها بل انغمس بتفاصيل جزئية ضيّعت الدرب على استيعاب الحقيقة الكلية المطلقة، التي تمّ تعميمها بتكريس التفرقة والشرذمة والتفتيت والتقسيم والطائفية والتطرف. كل صور القتل والخنق والتدمير والحرق والاحتلال لا تمثّل بكل رسائلها سوى منطق الصورة التي تلتقطها الكاميرا مقلوبةً، وكم نحن بحاجة إلى غرفة سرّية من الظلام الكثيف والهدوء كي نخرجها للضوء مستقيمة بما هي عليه بالواقع. درسٌ لمن تخوّل له نفسه أن يشعر بعزته وكرامته، إنه الاستعمار الجديد بأدواته الجديدة القديمة، خاصةً بعد أن دبّ الرعب في النفوس من ربيع يجتاح البلاد، لذلك قامت حملات التفتيت وتصريع الوعي وتصديعه، وذلك بقلب المفاهيم رأساً على عقب. هذا هو الوعي المزيف الذي أنتجه خطابهم ضدنا، فنحن على مفترق طرق بين وعي ثابت ووعي زائف وطرف ثالث درس مكوناتنا الداخلية واستخدم ضدنا سلاحين: القوه مدعمة بالمعلومات والمعرفة بأسباب ركودنا الداخلي والسلاح الآخر، تدوير مَنْ هم في مواقع القرار من عملاء تاريخيين مخلصين. إنه وعي أُحالي يُحيلُ بل يُعيد فيه الخطاب الجديد توثيق سلطة الوعي القديم، أما الوعي "النقدي الضدي" كما يقول إدوارد سعيد، فهو غير موجود في خطابنا الحديث، بينما هو موجود عند غيرنا كمكون أساسي للوعي والتخطيط الاستراتيجي. ما أحوجنا إلى اقتحام هذه المفارقة الضدية، وادّعى أن هذه هي الصورة الأهم التي يجب أن نستخرجها من غرفة التحميض ونبدأ بإظهارها دون خوف ولا مواربة.