11 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); يقول ابن خلدون: "أهل مصر كأنهم فرغوا من الحساب"، أي لا يعولون على تغيير واقعهم، وتلك خصلة تحكم معظم تاريخنا إلا قليلا مما نثور. ولهذا نتعامل مع مشاكلنا بمنطق "المتفرج" الذي ينفعل، إعجابا أو سخطا، لكنه لا يشارك في الفعل لأنه ـمن الأصلـ لم يعتبر نفسه فاعلا. نكتفي بالفرجة، حتى في كبرى القضايا المصيرية والحيوية، ومنها سعر صرف العملة، الذي يتحكم في كل مؤشرات الاقتصاد، ويدل على اتجاهها. فهو يتحكم في نمو الاستثمار، ومعدل البطالة، وجذب السياح، ومعدلات إنفاقهم. يتحكم في التعليم والصحة وشبكة الطرق والنقل والتوسع الزراعي والنشاط العقاري والمياه والصرف الصحي. يتحكم في حياة الناس أينما وكيفما كانوا، لكننا لا نبالي إلا بأثره المباشر على سعر المستهلك (سعر البيع في متاجر التجزئة)، وهي مبالاة تقف عند حدود الشعور بالسخط أو بالرضا، لكنها لا تتقدم خطوة أبعد من هذا.لا يشغل الناس تفكيرهم ولو بالسؤال عن التطور المتوقع لسعر الصرف. لا يتساءلون: لماذا ينخفض باستمرار سعر الجنيه أمام الدولار والعملات المرتبطة به؟ وهل يمكن أن يسفر تعويمه إلا عن الغرق (بمعنى انهيار سعره) ؟الإعلام ـالموجه عسكرياـ يتحمل القدر الأكبر من المسؤولية عن هذه الغيبوبة، وحسبك أن الفخ الذي نصب قبل يومين فقط من قرار التعويم، اعتمد تماما على ترويج الإعلام خرافة "انهيار سعر الدولار" لدفع المدخرين إلى بيع آخر ما يملكون من دولارات، لصالح العصابة التي تحتكر كل شيء، والتي اشترت ـبنفوذهاـ في اليوم الأخير وحده (قبل التعويم) 145 مليون دولار من أموال البنوك، مقابل 8 جنيهات وستين قرشا للدولار، أي نصف السعر الحقيقي، حتى إذا ما اطمأنت إلى إفراغ الجيوب من مدخراتها، والبنوك من احتياطياتها، أغرقت الشعب بكامله معلنة تعويم الجنيه. والمدهش أن إعلام السلطة لا يزال يروج لخرافة الخير العميم، والكثيرين يرددون: لعله خير، وهم يفغرون أفواههم، غير منتبهين إلى قرقرة بطونهم!