13 سبتمبر 2025

تسجيل

الحروب القذرة لمافيات الطائفية في العراق

04 نوفمبر 2015

في العراق المنهك والسائر بخطى حثيثة نحو حالة الإفلاس الشاملة، اقتصاديا وسياسيا ومعرفيا ومنهجيا، تسود اليوم معارك وحروب داخلية مدمرة تعكس صورها وصيغها كل أحوال التردي الذي وصل إليه الوضع العراقي في ضوء العملية السياسية الكسيحة الفاشلة التي أكلت أبناءها قبل أن تنعطف لتلتهم الوجود الكياني العراقي بأسره، ففي كل يوم تطالعنا أنباء العراق بحملة اغتيالات وتصفيات جسدية ليس ضد القوى والشخصيات المعارضة للنظام القائم، بل إنها حروب تصفية شرسة بين عناصر المكونات السائدة والحاكمة نفسها، مما ينبئ ويفصح عن حقيقة الوضع المسدود والحالة العدمية التي يعيشها البلد، فقد تكررت مؤخرا بشكل لافت للنظر قيام ميليشيات طائفية مسلحة بالسطو على محلات صيرفة أو نهب رواتب الموظفين في داخل العاصمة بغداد، في ظل عجز الشرطة المحلية عن ضبط الأمور أو ملاحقة واعتقال الفاعل، لا بل إن التهديد والابتزاز بالقتل قد طاولت حتى لاعبي كرة القدم، ولأسباب طائفية محضة وصريحة كما حصل مع اللاعب الدولي يونس محمود الذي هدد بالقتل في حالة عدم مغادرته للعراق، وأطلق الرصاص على سيارته فعلا. أما قتل المدعو حليم وهو شقيق الإرهابي في جيش المهدي المدعو أبو درع (إسماعيل اللامي) فقد فجر حربا كانت مكتومة بين جماعة مقتدى الصدر فيما يسمى جيش المهدي وجماعة المنشق عليه قيس الخزعلي المسماة (عصائب أهل الحق) التي تحولت لتنظيم عسكري مسلح هو بمثابة إحدى أذرع جهاز الحرس الثوري الإيراني في العراق، وأحد مكونات الحشد الشيعي الرئيسية، فقد لعلع الرصاص في أحياء بغداد الشرقية وتحول الأمر لحالة حرب أهلية ضد نوعية بين المكون الطائفي الواحد، كما أن عمليات السلب والنهب المتزايدة في بغداد والتي عجزت أجهزة السلطة عن الحد منها أو منعها تقوم بها العصابات والميليشيات المسلحة التي تطالب بالتمويل والتسليح وبرواتب مجزية لمنتسبيها وهو الأمر الذي تعجز عنه الحكومة المركزية الموشكة على الإفلاس التام. ميليشيات الحشد الشيعي التي يقودها الإرهابيان هادي العامري وأبو مهدي المهندس تعاني من أزمة تسرب وهروب عناصرها ضمن قوافل الهاربين والطالبين للجوء في الغرب الأوروبي، والطريف المفجع في الأمر أن وزارة الداخلية ذاتها يقودها من الناحية الواقعية هادي العامري، فوزيرها محمد سالم الغبان هو أحد عناصر تنظيم بدر الإرهابي العميل التابع للحرس الثوري، أي أن حاميها حراميها، وبما يعني أن الانهيار الأمني سيزداد حدة من أجل إسقاط حكومة حيدر العبادي والتي أضحت اليوم هدفا مركزيا لأطراف عديدة، من بينها التيار الذي يقوده رئيس الحكومة السابق نوري المالكي الذي تمكن من إظهار الإفلاس الحقيقي لإصلاحات العبادي الترقيعية الفاشلة. ملامح تكامل حالة الانهيار الأمني والانقلاب الميليشياوي واضحة في العراق، وهي تتعزز كل يوم مع فشل الحكومة في مواجهة أبسط حالات الانهيار الخدمي، فقد جاءت الأمطار الغزيرة الأخيرة لتكشف هشاشة البنية التحتية العراقية رغم مليارات الدولارات المسروقة من أفواه العراقيين والتي تقاسمتها قطط الأحزاب الطائفية المشبوهة، فالتقديرات تشير لضياع 500 مليار دولار في الهواء، وهو رقم فلكي يؤشر على حالة تدمير وتكسيح شامل للعراق الذي سيعلن إفلاسه التام في غضون سنوات قليلة جدا، مما يعني في الحصيلة النهائية بأن حروب المافيات الطائفية ستزداد شراسة وقذارة أيضا من أجل نهب ما يمكن نهبه والتمهيد لهيمنة مافيوزية ميليشياوية على شؤون العراق بعد تكسيحه بالكامل وهو المهمة التي نجح حزب الدعوة الفاشل في إتمامها وتهيئة كل الظروف المناسبة لها. العراق اليوم يعيش في حالة عراك طائفي محتدم وحروب تصفية مافيوزية، وحالات تطاحن من أجل أكبر قدر ممكن من النهب والهيمنة وتكسيح الدولة التي أضحت إقطاعيات طائفية وعشائرية وجزرا متصارعة تصب جميعها في مخطط الإجهاز التام على العراق. سيناريوهات المستقبل العراقي المنظور تحمل نذرا سوداء لا تبشر بخير في ظل انفلات السيطرة على العصابات التي تحكم العراق.