15 سبتمبر 2025
تسجيلللطغاة والمجرمين والقتلة أساليب غريبة وعجيبة في التعامل حينما يقعون في الفخ ويصلون لنهاية الطريق الإجرامي بعد أن تثور عليهم شعوبهم وتشحنهم لمزبلة التاريخ، ولعل من أغرب حركات الدلع ما قام به رئيس مخابرات نظام ملك ملوك إفريقيا الراحل معمر القذافي عبدالله السنوسي وهو جلاد شرس ومجرم متمرس والذي طالب دون أن تنتابه حمرة الخجل بعدم محاكمته في ليبيا وأمام شعبه وعوائل ضحاياه من الشباب الليبي الذين مارس جهازه القمعي جرائمه عليهم ٬ بل أمام المحكمة الجنائية الدولية والتي يعلم علم اليقين بأن أحكامها ليست من ضمنها حكم الإعدام الذي تخصص نظامه بإصداره على (الكلاب الضالة)!! في إشارة لما كان يطلقه النظام على المعارضة الليبية٬ المشكلة اليوم تتلخص في أن طغاة الماضي القريب بعد أن أوصلتهم ثورات شعوبهم لنهاية الخدمة باتوا يتشبثون بأطروحة حقوق الإنسان والحيوان ويقدمون أنفسهم على كونهم ضحايا وليسوا مجرمين أبدعوا أيما إبداع في تنظيم حقول الموت وفي قطع رؤوس الشباب الليبي الرافض للاستبداد والطغيان والجنون السلطوي الذي ساد لأربعة عقود سوداء هي الأشنع في التاريخ الليبي المعاصر، ترى هل سأل السنوسي نفسه قبل أن ينقلب الزمان عليه وعلى نظامه الفوضوي الذي كان عن الأسباب والمبررات الحقيقية لحملات المطاردة الدموية الشرسة ضد الذين رفعوا راية الحرية؟ هل يشعر السنوسي اليوم وهو في زنزانته يواجه حكم الموت نتيجة لجرائمه الموثقة والثابتة بحق الجنس البشري عن مصير أكثر من ١٢٠٠ شاب ليبي قتلتهم عناصره بدم بارد في ذلك الصيف الحار في سجن بوسليم الليبي الشهير؟؟ وهي الجريمة الأشهر والأشنع والأبشع التي وقف الضمير الدولي أمامها موقفا فضائحيا تتكرر أمثاله اليوم في الحالة السورية الشاذة وحيث يمارس مماليك البعث السوري حرية القتل ويديرون حرب الإبادة بكل أريحية وشهامة معروفة عن الطغاة الجبناء! السنوسي اليوم وبشار أسد آو علي مملوك في الغد لم يرتكبوا جرائمهم ضد الشعب الهولندي ولا الفرنسي بل كانت أفعالهم الشنيعة موجهة أساسا ضد شعوبهم التي لم يكتفوا بسرقتها بل أمعنوا في تكسيحها وتدمير كل حجر فيها ومصادرة ماضيها وحاضرها ٬ لذلك كله فإنه لا حق لأي طرف مهما كان أن يتدخل في هذا الملف ويمارس ابتزازا مرفوضا ومنافقا ويصب أساسا في مصلحة الطغاة الذين في النهاية لم يسحلوا كما كانوا يفعلون مع شعوبهم؟ ولم تنتهك أعراض عوائلهم ولم يتعرضوا لأي حيف وظلم رغم فداحة ما ارتكبوه من جرائم بشعة، عدالة الشعوب الحرة لا تعلوها عدالة ودماء الثوار تظل أبد الدهر عن الثأر تستفهم؟ والطغاة حينما "يتدلعون" اليوم ويطالبون بالهروب من القصاص فإنهم يمارسون فعلا تدليسيا يضاف لسلسلة جرائمهم البشعة ضد الإنسانية٬ الطغاة في نهاية المطاف هم عالة على شعوبهم وعلى التاريخ والجغرافيا أيضاً٬ ومحاسبتهم أمام شعوبهم ينبغي أن تكون ليكونوا عبرة لمن يعتبر.