16 سبتمبر 2025

تسجيل

النفط الجديد

04 أكتوبر 2020

‏ عرفت دول الخليج بمعاناة أهلها في الماضي بسبب الفقر وشظف العيش، وتميزت في الوقت الحاضر بالنفط الذي أنعم الله به على هذه المنطقة من العالم مثلما أنعم على غيرها بثروات أخرى متنوعة، سبحان موزع الأرزاق. تنامت الدول الخليجية بشكل متسارع من الناحية العمرانية والبشرية، وبرزت في المحافل الدولية، وتميزت بعطاءاتها غير المسبوقة أثناء الكوارث أو جوانب التنمية الأخرى للدول الأخرى العربية أو الإسلامية أو غيرها، كما برز مواطنو الدول الخليجية بتأثيرهم المميز في نواح شتى، إلا أن ما حدث في أزمة كورونا كان مختلفاً. رأينا الشباب القطري يشمرون عن أذرعهم في فزعة ليست مثلها فزعة في الصف الأمامي سواء الطاقم الطبي أو الأمني أو الإعلامي أو الإنساني، تخلى القطريون عن مسمياتهم الوظيفية ونزلوا في الميدان الأول لمواجهة الأزمة الصحية التي اجتاحت البلاد كما اجتاحت العالم كله. أعجبني تقرير تلفزيوني في قناة الجزيرة عن الجهود المميزة لمثل هؤلاء الشباب، كما شدني برنامج تلفزيوني عرض أثناء أوج أزمة الجائحة على القناة الرسمية الكويتية عنوانه "ظرف استثنائي" يسلط الضوء على الجهود التطوعية المهولة لشباب وشابات الكويت وهم ييسرون عملية إجلاء العمالة المخالفة ومراعاتهم وتقديم كافة العون لهم. الشباب هم مستقبل البلد وعمادها في الحراك الثقافي والاقتصادي والاجتماعي، وأي دولة مثل قطر ترعى الشباب وتهتم بهم وتنفق عليهم فإنها تستثمر بالطريقة الصحيحة، لأنها تعتبرهم "النفط الجديد"، نعم عقولهم الكبيرة وأفكارهم الإبداعية ومبادئهم الثابتة وولاؤهم الرائع كلها عوامل تصنع منهم نفطاً جديداً إذا ما نفد النفط في يوم ما. إن إتاحة الفرصة للشباب لممارسة مهاراتهم واستغلال قدراتهم في خدمة البلد هو التخطيط الإستراتيجي الحق، لا مانع أن يخطئ مذيع تلفزيوني شاب في جملة نحوية عابرة يتعلم من هذا الخطأ لبرنامج عالمي قادم، وليس عيباً أن يتجاوز – جهلاً لا عمداً - رجل أمن جديد عن تطبيق لائحة ممنوع الوقوف في سبيل أن مثل هذا الخطأ يكون دافعاً له للالتزام الصحيح في الغد، وليس مشكلة كبرى أن يخفق عمل جزئي في مؤسسة ما، لأن من بين فريق العمل شباباً متدرباً مستجداً، وذلك في سبيل تدريبهم وتمكينهم لقيادة المستقبل.. هذا هو النفط الجديد. أسعار النفط تتهابط تدريجياً يوماً بعد يوم، وعقول الشباب وسواعدهم تتعاظم، علينا أن نعطي الشباب المساحات المرنة للعمل والإبداع في سبيل تنمية البلد لأنهم هم المستقبل، وتاريخ قطر يشهد بكفاءة هؤلاء الشباب الذين يعملون ليل نهار من أجل سلامة وأمن ونمو دولة قطر. نظرة سريعة على المراكز الإشرافية أو فرق العمل في المؤسسات الحديثة منها أو غير الحديثة نجد الدماء الشابة الوطنية هي التي تعمل بإخلاص وهمة تريد أن تثبت وجودها ضد تحديات الزمن، الكلام عن الشباب بجنسيه الذكور والإناث، فأخوان روضة يشدون من أزر أختهم في كافة الميادين المدنية والطبية وحتى المنشآت النفطية والميدانية، تعجبني قناتي قطر والريان في استضافتهما لمسؤولين شباب يقومون بدور حيوي وفاعل كل في مجاله، كفوووو والله يستاهلون من يرفع لهم العقال. يعرف الإبداع بأنه التفكير الخلاق الذي يقدم شيئاً جديداً أو أنه يطور القديم بطريقة غير مألوفة، نحتاج أن نستحدث تشريعات وموازنات جديدة وفرصاً جديدة للشاب القطري في المرحلة القريبة القادمة، لأنهم المحفظة الاستثمارية البديلة عن النفط والغاز، ولضمان التحول الكلي للشباب من أفراد شبه مستهلكين إلى شباب ذوي إنتاج إبداعي مبهر. في العام الماضي شربت قهوة مسمار من دلة النقيب سعود سعد الهاجري أحد مسؤولي معسكر مقدام، وقد حدثني عن الدافعية الهائلة التي يتمتع بها هؤلاء الشباب رغبة في تطوير ذواتهم وحماسة في خدمة البلد وتنوعاً في تحديد التخصصات التي سينخرطون بها حباً لهذا الوطن، والتقيته هذا العام على منصة التكريم في جامعة قطر كنموذج للخريج القطري من ذوي الأعمال المجتمعية الجليلة، يستاهل بوسعد الشاب القطري المخلص، ومثله كثيرون في كافة مؤسسات المجتمع المدني أو العسكري. المستشارة الهولندية في التنمية البشرية روييل كودير تقول: 3 طرق أساسية في الاستثمار البشري هي: تنمية المهارات، واستكشاف جوانب القوة والإبداع في الشخص، وأخيراً تغذية العقل والجسم، لو تأملنا هذه الجوانب لوجدنا جهود دولة قطر واضحة في توفيرها لأبنائها والطيبين المقيمين على أرضها بحثاً عن النفط الجديد. همسة: تدري وش الإبداع في عيونك السود؟.. تجمع بريق الصبح مع ظلمة الليل.. دمتم بود. [email protected]