11 سبتمبر 2025
تسجيللا يزال العراق بعيداً عن الاستقرار وأحلام الديمقراطية التي بشرت بها الإدارة الأمريكية وجعلتها مبررا للحرب وتمزيق البلاد وتشريد العباد، ولكن ذلك زمن ذهب الى حال سبيله مع رحيل القوات الأمريكية وترك الدولة لأبنائها، فكان أداؤهم أسوأ من سلفهم، حيث يدير العراق حاليا حاكم لا يحسن موازنة الأمور وينتقل من صراع الى آخر تنعكس نتائجه في الحال العام للدولة من عمليات إرهابية وقتل وتهديد وغياب تام للأمن. لا يمر يوم عراقي دون انفجار سيارة مفخخة وموت أبرياء وعسكريين، وليست هناك مدينة آمنة في العراق ولا يشعر العراقيون بأمان لحياتهم وممتلكاتهم، ولا يخلو الأمر من مداهمات يومية للمنازل بحثا عن شيء ما قد لا يوجد أبدا، وفي الواقع هناك مشكلة أخلاقية في إدارة الدولة، وتنازع بين المكونات لا يتوقع أن تترتب عليه حالة من الطمأنينة وعودة العراق الى استقراره. رئيس الوزراء نوري المالكي جزء من المشكلة وليس الحل، وسياساته طائفية بامتياز ولا يمكن أن تخدم قضية السلام الوطني، فالرجل له حساباته التي لا ترتقي الى التسامي وتحمّل مسؤولية إدارة شؤون الدولة بعيدا عن التصفيات السياسية، وليس العراق بلدا لمكوّن سياسي واحد، وإنما لجميع مكوناته العرقية والطائفية، وإذا لم ينجح المالكي في تذويب تلك الخلافات فإنه يعمل على تعميق أزمة الدولة والوطن وينتج بلدا يعيش الانهيار ويلقيه في دوامة من الفشل السياسي والوطني. هل يمكن توجيه سؤال للعراقيين.. أيها العراقيون لم تعد لكم دولة؟ إنه سؤال قاس ولا شك، ولكن وفقا لسياسات المالكي فإنه يقفز بهذا السؤال إلى الذهن، فالدولة الحالية لا تسع كل العراقيين ولا تحميهم أو تجلب لهم أمنا أو سلاما، إنها صورة مشوهة تماما للدولة، فهو وقياداته يسكنون مناطق آمنة فيما الشعب يعيش عدم أمان مستفحل ولا يتصور أن يتحولوا إلى الحالة الآمنة في ظل سياسات حكومة المالكي التي تعزز التناحر والتباعد والشقاق بين المواطنين العراقيين. عدم اتزان أداء حكومة المالكي وإصرارها على الحلول الأمنية في مواجهة تحدياتها سيفرز العراقيين الى جماعات طائفية وعرقية، وكما استعصم الأكراد بالمناطق الشمالية، فستتوزع منطقة الوسط والجنوب بين السنة والشيعة، ولن تكفي نيات المالكي للحفاظ على الوطن العراقي موحدا لإضعاف هذا السيناريو، وإنما أفعاله الجادة وحدها التي تحتفظ بعراق واحد موحد ولا أحسبه جادا في ذلك.