03 نوفمبر 2025

تسجيل

التعليم العالي تحديات وطموحات

04 أكتوبر 2013

التعليم العالي في قطر، وكذلك الحال في الدول العربية الأخرى، يواجه تحديات كثيرة ومصاعب شتى تحول دون أن تجعل منه محركاً أساسياً يُعتمد عليه في عملية التنمية. وتأتي أولى التحديات في عدم تناسب مخرجات الجامعات مع حاجة سوق العمل الفعلية، فالجامعات لا تخرّج الأشخاص المؤهلين بالشكل الكافي الذين يحتاجهم سوق العمل، كما ان معظم الخريجين لا يعملون في مجال تخصصهم وبالتالي لا يتمكنون من إفادة المجتمع بما درسوه وبذلوا الجهد والمال والوقت لتحصيله. والمطلوب هنا من المؤسسات الحكومية وبالتعاون مع المراكز البحثية ومؤسسات القطاع الخاص إجراء مسح لاحتياجات السوق لضمان تناسب مخرجات التعليم مع متطلبات سوق العمل، ومن ثم توجيه الشباب المقبلين على الدراسة الجامعية لمجال التخصص المناسب والمطلوب من قبل سوق العمل. كما تواجه مجتمعاتنا تحدياً آخر يكمن في ضآلة حجم البحث العلمي ونقص الأموال المخصصة له وقلة عدد الباحثين والمراكز البحثية المتخصصة، وعزوف القطاع الخاص عن تمويل البحث العلمي، ومن المعروف عالمياً ان معظم أموال تمويل الأبحاث العلمية تأتي من القطاع الخاص، وكأحد الحلول الممكنة لعزوف القطاع الخاص في بلادنا عن تمويل البحث العلمي، أقترح هنا تحويل جزء من أموال الزكاة لتمويل الأبحاث العلمية، خاصة ان البحث العلمي يعد المحفز الأول للتطور في كافة المجتمعات. كما ان من الأهمية بمكان مساهمة الطلبة في البحوث التعليمية وضرورة أن يتقدم الطلاب خاصة طلاب الدراسات العليا ببحوث أصيلة وليست مجرد بحوث مقتبسة مقتبسة كما يحدث الان في معظم جامعاتنا. ويمثل استخدام التكنولوجيا في التعليم تحدياً آخر يواجه التعليم العالي في بلادنا، فبالرغم من ان كل أفراد المجتمع بمن فيهم الأطفال الرضع دون السنتين من العمر يتعاملون مع التكنولوجيا طيلة اليوم، فالهواتف الذكية والحواسيب اللوحية بأنواعها، لا تسقط من بين يدي أي شخص منا، لكن استخدامنا لها لا يتجاوز الترفيه والتواصل الاجتماعي، على حساب استغلالها في التعليم والتعلم والاستكشاف، والوضع ذاته ينطبق على الكثير من الطلبة الجامعيين، والمطلوب من المدارس بنوعيها المستقل والخاص وبالتنسيق مع المجلس الأعلى للتعليم تطبيق التكنولوجيا بشكل كامل في التعليم وإعادة تأهيل المدرسين في المدارس والأساتذة في الجامعات بما يتناسب مع هذا التطور الحاصل. ولعل التعليم الالكتروني أو التعليم عن بعد والذي يحظى بالاعتراف في الدول المتقدمة كوسيلة للتعليم وتشتهر بتقديمه جامعات عالمية عريقة، يستحق ان ينال نصيبه لدينا من الاعتراف كوسيلة مناسبة للكثير من الطلاب الذين لا يتمكنون من الانخراط في التعليم العالي النظامي لظروف مادية أو كونهم مرتبطين بوظائف وأعمال. التعليم بفرعيه الأساسي والعالي موضوع متشعب ذو شؤون وشجون، وما تحدثنا عنه لا يمثل إلا غيضا من فيض من مشكلة التعليم في بلادنا، وما نحتاجه فعلياً في هذه المرحلة تطبيق إستراتيجيات تعليمية تتواكب مع حاجات مسيرة التعليم الفعلية.