15 سبتمبر 2025

تسجيل

أكذوبة.. اعطني حريتي

04 أكتوبر 2011

نضحك أم نبكي؟!.. نصفق بإعجاب أم نقلب ذات اليمين وذات الشمال بتحسر وأسى وآهات تصل إلى عنان السماء وتطرق أبوابها لعل الله يرحمنا مما بتنا فيه وصار عليه كثيرون من (أصحاب الثورات) في عالمنا العربي!.. فثورة الخامس والعشرين من يناير التي انطلقت في مصر المحروسة واستمرت أسابيع قليلة انهار فيها حكم مبارك دون حسنة واحدة تشفع له ما يعانيه اليوم من إذلال ومهانة وانزواء خلف قضبان حديدية حتى وهو على فراش المرض، اليوم يحاول ملايين المصريين (استرداد ثورتهم) وإعادة إحياء ميدان التحرير الذي لم يخل يوماً من المحتشدين المطالبين بإصلاح الوضع الاقتصادي والسياسي وتعديلات جذرية في الدستور وإثبات أن ثورة (25) يناير لم تمت بعد!.. ولا تسألوا عن السبب فما كان يفسر ما هو حاصل الآن!.. فالصحيح إن مبارك وعائلته باتوا من أخوات كان ومضى ولكن أذيال حكومته ومن بقي منهم وتولوا حكم البلاد والعباد فهم من إخوة إن وصار ولذا فإن مصر لم تقم على حيلها ولم تنفض عنها العهد المباركي مادامت بقايا حكومته هي التي تكمل ما بدأه ولا يعلم أحد إلى ماذا ستنتهي إليه وعليه فالشعب مايزال متمسكاً بثورته التي أراها الآن مجرد (لعب عيال) تماماً كما هي الحال في باقي الدول التي تعاني هي الأخرى من فوضى تستنسخ نفسها وكأن الشعوب وجدوا تسلية في الاعتصامات والخروج وتحفيز ملكات التأليف لديهم في صياغة الجمل وتسمية أيام الجمع بشعارات رنانة تعيش عمراً افتراضياً لا يتجاوز الـ (24) ساعة فقط ولتتهيأ العقول لتجهيز شعار جديد لجمعة قادمة جديدة!.. والحال ذاته في تونس التي أطلقت شرارة (ثورة الياسمين) في سماء الوطن العربي وعوضاً عن إطلاقها رائحة زكية فقد أطلقت ريحاً منفرة ماتزال آثارها باقية في شوارعها ومايزال الشعب يريد إصلاحاً وصلاحاً و...(استرداد ثورتهم)!.. فأين الثورات التي تكون فتـُجدي؟!..وتتحول نارها شهباً تزين السماء وليس لهباً تحرق الأرض؟!.. أين هي الثورات التي تسقط الحكومات وليس الرؤساء؟!.. أين هي الثورات التي يتنفس الشعب بعدها راحة وحرية وشعور عارم بأنهم انتصروا؟!.. بل ماذا استفدنا من هذا كله إن كان مشعلو فتيل الثورات يطالبون اليوم باسترداد ثوراتهم والعودة إلى اليوم الأول من هتافهم (الشعب يريد والشعب يطالب )؟!.. لماذا مازلنا نرى ماضي مصر وتونس متجسداً بكل قبحه وظلمه بينما ما يجب أن نراه اليوم هو حاضر يرمم نفسه لمستقبل مشرق يعيد لمصر الهيبة عوضاً عن الخيبة التي عاشت بها في عهد مبارك!.. لماذا أصبحت تونس تحترق وقد اعتقدنا أن البوعزيزي أشعل نفسه ليطفئ نيران الجوع والكبت والفقر في بلاده؟!.. لماذا باتت فوضى اليمن مستمرة إن كانت بالفعل ثورة كما يقولون؟!.. لماذا سوريا مازالت تئن وتلفظ من رحمها عشرات القتلى وماتزال الاتهامات متبادلة بين الحكومة والمعارضة حول الدم المهدور والأمن المفقود؟!.. مَن المسئول عن إشغالنا وانشغالنا بموضة الثورات حتى هذه اللحظة ومن الذي سيلحق من باقي الدول العربية إلى ركبها إن كانت بالفعل باتت موضة وعمل لمن لا عمل له؟!.. لماذا تـُخمد الاضطرابات في العالم الغربي وتزيد توهجاً وترنحاً عن أهدافها في عالمنا العربي؟!.. بل لمَن تعود فائدة ذلك ومَن المستفيدون الحقيقيون وراء تقويض أنظمة وكراسي الحكم العربية ولماذا تجد كل هذه النار مَن يؤججها حقاً بين علماء الأمة وشيوخها الذين يزيد بعضهم في أتونها؟!.. ألا نفكر ولو قليلاً؟!.. فالمسألة ليست إطاحة برئيس ويعيش الشعب مرتاحاً كما يتصور صانعوها فمَن يتحمل ألسنة النار عليه أن يؤمن لنفسه العلاج المناسب وإلا بات الأمر أشبه بالانتحار وهذا بالفعل الذي يجري فعلاً في مصر وتونس وليبيا الذين تحملوا حروق الثورة لكنهم لم يلقوا حتى الآن من يطببها لهم وهذا ما يجب أن نسعى إليه إن أردنا أن تصبح (ثوراتنا) ثورات بالمعنى الكامل والناجح وليس بالشكل الناقص التي خرجت عليه ثورة مصر وثورة تونس!.. ولا أخفيكم فقد كنت من أول المباركين لمصر (نجاح) انتفاضتهم لكني اليوم أجد نفسي تعاقبني على لواحق هذه الانتفاضة التي يسعى ملايينها إلى (استرداد ثورتهم)!.. ولعل المشكلة الحقيقية المتأصلة في دواخلنا إننا بشر عاطفيون تحركنا زمجرة الغضب إن أطلقها غيرنا وسعينا لمشاركته إياها دون التفكير بما قد يعقب هذه الزمجرة من عواقب ولمَن كانت مصلحة إطلاقها.. كيف لا ونحن بالأساس (عرب) لا نفطر قبل أن ينطلق مدفع مدو يقول لنا كلوا واشربوا و.... ناموا؟!. فاصلة أخيرة: عرب وسنبقى كذلك! يبقى فخرنا بأننا عرب وسيظل خزينا بأفعالنا! هذه قصتنا!