11 سبتمبر 2025

تسجيل

تدمير الإسلام من الداخل

04 سبتمبر 2016

انتقل الهجوم على الإسلام من الخفاء إلى العلن، ومن الرمزية إلى الوضوح، من التستر وراء الكلمات إلى التعبير المباشر الفج، وانتقل الهجوم إلى العقيدة الإسلامية نفسها من الخارج إلى الداخل، لإعادة تعريف من هو المسلم. هذا الوصف ينطبق تماما على المؤتمر الذي عقد في العاصمة الشيشانية جروزني من 25-27 من أغسطس الماضي، تحت عنوان: "من هم أهل السنة والجماعة؟ بيان وتوصيف لمنهج أهل السنة والجماعة اعتقادًا وفقهًا وسلوكًا، وأثر الانحراف عنه على الواقع"، والذي نظمته ورعته ومولته "مؤسسة طابة" التي يقودها الحبيب الجفري، ومقرها في أبو ظبي، ومؤسسة دعم الثقافة الإسلامية والعلم والتعليم، بالتعاون مع صندوق أحمد قديروف، الرئيس الشيشاني الذي عينه الرئيس بوتن، وجرى اغتياله فيما بعد، وهو والد الرئيس الحالي رمضان قديروف، الذي ترأس المؤتمر وشارك فيه 200 رجل دين من أنحاء العالم على رأسهم شيخ الأزهر أحمد الطيب.لن ألجأ للاجتهاد الشخصي، بل سأورد فقرات من البيان الختامي، الذي وافق عليه جميع الحاضرين، بما فيهم شيخ الأزهر نفسه. يقول البيان الختامي ما نصه: " في الوقت الذي تشتد فيه فتن كثيرة تعصف بالأمّة وفي ظل محاولات اختطاف لقب "أهل السنة والجماعة" من قبل طوائف من خوارج العصر والمارقين والعابثين بالشريعة المطهّرة الذين تُسْتَغل ممارساتهم الخاطئة لتشويه صورة الدين الإسلامي، خَلُص المؤتمر إلى أن "أهل السنة والجماعة هم الأشاعرة والماتريدية ومنهم أهل الحديث المفوضة" في الاعتقاد، وأهل المذاهب الأربعة الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة في الفقه، وأهل التصوف الصافي علمًا وأخلاقًا وتزكيةً على مسلك الإمام الجنيد وأمثاله من أئمة الهدى، وهو المنهج الذي يحترم دوائر العلوم الخادمة للوحي".ويتابع البيان الختامي: "تكرر عبر التاريخ هبوب أمواج من الفكر المضطرب والمنحرف، الذي يدعي الانتساب إلى الوحي الشريف، ويتمرد على المنهج العلمي الصحيح ويروم تدميره، ويزعزع أمن الناس واستقرارهم، وكانت أولى تلك الموجات الضالة الضارة، الخوارج قديما، وصولا إلى خوارج العصر الحديث من أدعياء السلفية التكفيرية، وداعش ومن سار على نهجهم من التيارات المتطرفة والتنظيمات المُسيَّسة التي يعتبر القاسم المشترك بينها هو التحريف الغالي والانتحال المبطل، والتأويل الجاهل للدين، ما ولَّدَ عشرات من المفاهيم المضطربة المغلوطة، والتأويلات الباطلة التي تناسل منها التكفير والتدمير، وإراقة الدماء والتخريب، وتشويه اسم الإسلام، والتسبب في محاربته والعدوان عليه".ثم يقرر بيان الشيشان الهدف من المؤتمر ويقول: "يأتي هذا المؤتمر ليكون بإذن الله نقطة تحول مباركة لتصويب الانحراف الحاد والخطير الذي طال مفهوم "أهل السنة والجماعة" إثر محاولات اختطاف المتطرفين لهذا اللقب الشريف وقصرِه على أنفسهم، وإخراج أهله منه، وذلك من خلال تفعيل المنهج العلمي الرصين الأصيل الذي تبنته مدارسنا الكبرى التي تمثل صِمَام الأمان في تفكيك أطروحات التكفير والتطرف"، ويدعو إلى نشر "العلم الآمن"، عن طريق إنشاء قناة تلفزيونية في روسيا توصل صورة الإسلام المعتدل، وتحارب التطرّف والإرهاب. والاهتمام بقنوات التواصل الاجتماعي، وتأسيس مركز لرصد ودراسة الفرق المعاصرة، وإنشاء قاعدة بيانات لتنفيد الفكر المتطرف وتشريع قوات تفرض "الإسلام الوسطي"، وتجرم التحريض على الفتنة والاحتراب الداخلي والتعدي على المؤسسات". هذا هو النص كما ورد في بيان مؤتمر الشيشان، وهو يحمل دعوات خطيرة جدا، بل من أخطر الهجمات التي تعادي العقيدة الإسلامية الصافية السمحاء، وهي دعوة تخرج غالبية المسلمين من الإسلام، ولا تبقي إلا على أتباع أصحاب المدارس الفكرية أو الفقهية كما هو واضح في نص البيان الخطير، والذي يشكل "خطرا وجوديا" على العقيدة الإسلامية، التي تمثل الإسلام، والتي ندين بها.المؤتمرون في الشيشان، كما يقول بيانهم: "يريدون إنقاذ العقيدة من المنحرفين الذين اختطفوا "الإسلام والعقيدة الإسلامية"، وإنقاذ الوحي من المتمردين على المنهج الصحيح الذين يزعزعون امن الناس واستقرارهم "خوارج العصر الحديث من أدعياء السلفية التكفيرية"، ومن سار على نهجهم، لأنهم محرفون وغلاة ومبطلون ومنتحلون وجاهلون بتأويل الدين.هذا الهجوم الخطير على العقيدة الإسلامية تحت يافطة الهجوم على "أدعياء السلفية" يجب ألا يمر مرور الكرام، ورغم تبرؤ الأزهر فيما بعد من بيان الشيشان، فإن ذلك لا يغني شيئا، فهذا المؤتمر كشف المؤامرة الكبرى ضد الإسلام والعقيدة الإسلامية وكشف المتآمرين، وعلى رأسهم الحبيب الجفري الذي أعلن أن "الخطوة القادمة بعد مؤتمر أهل السنة في الشيشان هي مؤتمر منطلقات التكفير السبعة التي بُني عليها فكر القطبيين ومن تفرع عنهم من القاعدة وداعش". وهذا يعني أن مؤتمر الشيشان هو سهم من السهام الموجهة إلى الإسلام وأهله، وهو ما ينبغي مواجهته بعزم وإصرار وصلابة دفاعا عن العقيدة الإسلامية الصافية التي بعث بها الرسول صلى الله عليه وسلم.