30 أكتوبر 2025

تسجيل

صناع المستقبل

04 سبتمبر 2015

إن لكل شيء بداية فما ينتهي عام حتى يبدأ آخر، ويحتاج الطالب لسواعد قوية ونشاط جاد، واستعداد يكون قد اكتسبه بعد إجازة سنوية امتدت لشهور، فيدخل عامه الدراسي الجديد بابتسامة مشرقة، مدركا أن الله يرفع الذين أوتوا العلم درجات، فهو بسعيه وراء العلم ينال رضا الله ورضا رسوله، ويدخل جنات عرضها السموات والأرض، فمع دقات عقارب الساعة في الأيام الماضية من بداية هذا الأسبوع، ها نحن قد عدنا من إجازتنا الصيفية ونحن بين من هو محمل بالحسنات وآخر محمل بالسيئات، ومنا من أثقلت كاهله الهموم ومن هو فرح بهذه العودة، وها نحن نستقبل عامنا الدراسي الجديد، فطلب العلم يرفع من قيمة الطالب نفسه فهو بحرصه على تنمية عقله واستيعاب المزيد من العلوم يساهم في تطوير نظرة الآخرين له، فالجميع يحب الإنسان الملتزم الحريص المجتهد الذي يؤدي واجباته بإتقان وإخلاص ويسعى لفعل المزيد من خلال العطاء المتزايد، فربما تكون أنت متفوقاً بفضل قدرات وهبك إياها الله ومن خلالها تستطيع أن تعطي وتساعد من هم أقل منك قدرة في الاستيعاب. فمع قرع جرس الحصة الأولى من بداية العام الدراسي الجديد، يكون لنا هنا وقفات أردت أن نقفها جميعا لعل فيها ذكرى للذاكرين، وترتفع معها دقات قلوب الآباء من كثرة طلبات الأبناء وتوفير احتياجاتهم المدرسية، ومن ناحية أخرى فرط سعادة الآباء بأبنائهم الذين سيتوجهون إلى قاعات الدراسة، فأداء الأبناء للواجبات الدراسية يسعد الآباء لأن المرء يعلم أن الدرجات التي يرتفع بها العبد عند الله ليست كدرجات الدنيا وترقياتها، إنما يرفع الله المؤمنين بما علموا من أمور في دينهم وما استقاموا على أصوله والتزموا شرائعه، ولا يمكن للمرء أن يلتزم إلا بشيء قد جاءه العلم به، لذا حث الإسلام الناس على العلم والتعلم، وجعل الذين يعلمون أعلى درجة من الذين لا يعلمون، فكان الحث من نبينا صلى الله عليه وسلم على طلب العلم فقال "من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له طريقا إلى الجنة" وأمرنا أيضا بالجد في طلب العلم والحرص على التعلم فقال " اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد" فالإسلام رفع مكانة المتعلم فقال الله تعالى (قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون) الزمر:9، فدور المدرسة واضح وجلي في تثقيف الناشئة وتربيتهم بما تقدمه لهم من خبرات منظمة ومتنوعة وأنشطة مختلفة ومعلومات تغطى مختلف مجالات المعارف الإنسانية كل ذلك في إطار فلسفة تربوية واضحة المعالم، تستقي ذلك من الإطار العام لحياة المجتمع وأهدافه وحاجات التلميذ ومطالبه ومتطلبات العصر، فالمدرسة مؤسسة تربوية وتعليمية أنشأها المجتمع خاصة لتربية وتعليم صغاره، وكالة عن الكبار المشغولين في مشاغل الحياة، ونيابة عن المجتمع في نقل تراثه الثقافي إلى الصغار. وللمدرسة وظائفها الهامة في المجتمع، فإنك تجد فيها المتخصصين في مجالات العلم والمعرفة لتقوم بتلك الوظائف، ومن ثم فهي تبلور اتجاهات المجتمع وتعكس إطار حياته. فلقد كان المنهج النبوي يعتمد على إعداد جيل يفكر ويفهم ويبدع ولا يقف عند حد حفظه المسائل والمعارف ثم ينساها، بل كانت تربيته لأصحابه لونا آخر يختلف عن ذلك، ففي ميدان العلم علمهم الجد والاجتهاد، فهو الذي علم معاذا ماذا يفعل عندما أرسله إلى أهل اليمن وقال له "بم تحكم؟ قال بكتاب الله. قال: فإن لم تجد؟ قال فبسنة النبي صلى الله عليه وسلم . قال: فإن لم تجد؟ قال: أجتهد رأيي ولا آلو، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله" وغير ذلك من المسائل التي تحتاج إلى قادة مفكرين مبدعين وليسوا عبيدا مقلدين فأين نحن من هذا اللون من التربية النبوية، فالمسلم الذي يسعى لرفعة شأنه وشأن أمته بطلب العلم والحرص على التعلم، وجب عليه أن يلتفت إلى اختصاصه فيهبه كل طاقاته ويمنحه جل اهتماماته، ويقبل عليه إقبال المسلم المعتقد أن عمله في دائرة اختصاصه فريضة فيرفعه ذلك إلى أعلى مراتب المجد والشرف، وترتفع بارتفاع دعوته إلى الشأو الذي بلغه ما دام يمثلها في إخلاصه وجده ودأبه، وما دام ينطلق من الروح التي أشاعها الإسلام في جو العلم إذ جعله فريضة يتقرب بها فاعلها إلى الله ويتخذ من العلم وسيلة لمرضاته، لكن بعض المربين اعتادوا على أن يكون دورهم قاصرا على إعطاء الأوامر ومراقبة التنفيذ، فالتعامل مع النفس الإنسانية يختلف كثيرا عن التعامل مع الآلة الصماء، لذلك كان توجيه الإنسان وتعليمه وتربيته على القيم والمثل وتقويم سلوكه، يحتاج إلى الصبر وطول النفس وصدق العزيمة، وأهمية التوجه لبناء أجيال صالحة تنفع نفسها وبلدها.