12 سبتمبر 2025
تسجيلإن الخالق سبحانه وتعالى قد اقتضت حكمته في وجود الإنسان أن يكون وجوده على الفطرة السليمة النقية فهي فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله، ومن المسلم به في طبائع الأشياء أن يكون هناك عنصر يمثل المركز الرئيسي فيها بحيث لو غاب عن الوجود فقدت باقي العناصر قيمتها، فالقلب هو مركزحياة الإنسان فلو توقف توقفت معه الحياة، والعقل هو مركز التفكير فلو عجزعنه اختل سلوك الإنسان، ففي هذه الأيام الطيبة تزينت المدارس وأبدت استعدادها لاستقبال أبنائنا الطلاب تحضنهم وتلقي على أسماعهم ما ينفعهم في دينهم ودنياهم فينشأ جيل يبني ويعمر فتتقدم بهم الأمة، فمع الأيام الأولى من بداية الأسبوع المقبل وطلابنا يملأون حقائبهم بأدوات الدراسة وأعدوا زيهم المدرسي والأسر استعدت للذهاب بأولادهم لبيوت العلم والمعرفة،وها نحن قد عدنا من إجازاتنا الصيفية ونحن بين من هو محمل بالحسنات وآخر أضاع وقته، ومنا من أثقلت كاهله الهموم ومن هو فرح بهذه العودة وها نحن نستقبل عامانا الدراسي الجديد، ومع جرس الحصة الأولى من بداية العام الدراسي الجديد فلنا هنا وقفات أردت أن نقفها جميعا لعل فيها ذكرى للذاكرين ترتفع معها دقات قلب الآباء من كثرة الطلبات للأبناء وتوفير احتياجاتهم المدرسية.. ومن ناحية أخرى فرط سعادة الآباء بأبنائهم الذين سيتوجهون إلى قاعات الدراسة، فأداء الأبناء للواجبات الدراسية يسعد الآباء لأن المرء يعلم أن الدرجات التي يرتفع بها العبد عند الله ليست كدرجات الدنيا وترقياتها، إنما يرفع الله المؤمنين بما علموا من أمور في دينهم وما استقاموا على أصوله والتزموا شرائعه ولا يمكن للمرء أن يلتزم إلا بشيء قد جاءه العلم به، لذا حث الإسلام الناس على العلم و التعلم وجعل الذين يعلمون أعلى درجة من الذين لا يعلمون، فكان الحث من نبينا صلى الله عليه وسلم على طلب العلم فقال "من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له طرقا إلى الجنة" وأمرنا أيضا بالجد في طلب العلم والحرص على التعلم فقال "اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد" فالإسلام رفع مكانة المتعلم فقال الله تعالى ( قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون)الزمر:9 فإن دور المدرسة واضح وجلي في تثقيف الناشئة وتربيتهم بما تقدمه لهم من خبرات منظمة ومتنوعة وأنشطة مختلفة، ومعلومات تغطى مختلف مجالات المعارف الإنسانية كل ذلك في إطار فلسفة تربوية واضحة المعالم تستقي ذلك من الإطار العام لحياة المجتمع وأهدافه وحاجات التلميذ ومطالبه ومتطلبات العصر.فالمدرسة مكان الدراسة وبيت العلم فهي مؤسسة تربوية وتعليمية أنشأها المجتمع خاصة لتربية وتعليم صغاره وكالة عن الكبار المشغولين في مشاغل الحياة ونيابة عن المجتمع في نقل تراثه الثقافي إلى الصغار وللمدرسة وظائفها الهامة في المجتمع فإنك تجد فيها المتخصصين في مجالات العلم والمعرفة ليقوموا بتلك الوظائف ومن ثم فهي تبلور اتجاهات المجتمع وتعكس اطر حياته، فلقد كان المنهج النبوي يعتمد على إعداد جيل يفكر ويفهم ويبدع ولا يقف عند حد حفظه المسائل والمعارف ثم ينساها ، بل كانت تربيته لأصحابه لونا آخر يختلف عن ذلك ففي ميدان العلم علمهم على الجد والاجتهاد فهو الذي يعلم معاذا ماذا يفعل عندما أرسله إلى أهل اليمن وقال له بما تحكم قال بكتاب الله قال فإن لم تجد فبسنة النبي صلى الله عليه فإن لم تجد قال أجتهد رأيي ولا آلو فقال النبي صلى الله عليه وسلم الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله، وغير ذلك من المسائل التي تحتاج إلى قادة مفكرين مبدعين وليسوا عبيدا مقلدين، فأين نحن من هذا اللون من التربية النبوية، لذا وجب على كل مسلم أن يلتفت إلى اختصاصه فيهبه كل طاقاته ويمنحه جل اهتماماته ويقبل عليه إقبال المسلم المعتقد أن عمله في دائرة اختصاصه فريضة سواء أكان اختصاصه في علم من علوم الشريعة والدين أم في علم من علوم الدنيا كالرياضيات والفيزياء والكيمياء والهندسة وغيرها، ومن هنا وجب عليه أن يتقن العلم الذي اختص فيه كل الاتقان، فلا يدخر وسعا في الإحاطة بكل ما كتب عنه في شتى اللغات إن استطاع ، ويبقى دوما ينور عقله بالجديد من مستحدثات ذلك العلم بالمطالعة والاطلاع المستمر في شتى ألوان العلم ومعارفه ليحقق نجاحا علميا عاليا يكسبه في أعين الناس مهابة إجلالا وتقديرا فيكون عنصرا فعالا في وطنه فينفع نفسه وينتفع به الناس من حوله فيرفعه ذلك إلى أعلى مراتب المجد والشرف، فالمرء متقدم بعلمه مثمر بمعرفته متخلف بجهله، فالمجتمع يحتاج إلى عناصر أساسية تقوم عليها حياته ويستقيم بها أمره.