16 سبتمبر 2025

تسجيل

ياتختار.. ياتنهار

04 سبتمبر 2012

عام 1986.. في مدينة ماديسون بالولايات المتحدة الأمريكية.. كان هناك والدان سعوديان ينتظران نتائج فحوصات طفلهما الصغير بحزن.. خرج الطبيب من غرفة الكشف وأبلغ الأب بأن ابنه مُصاب بمرض نادر اسمه شلل الأعصاب …. وأفجعه بالخبر السيىء.. بأن طفله الصغير (عمّار) لن يعيش أكثر من سنتين فقط.. وعندما طلبت الأم من والد عمّار أن يترجم لها كلام الطبيب قال لها: كل خير بإذن الله.. ما أجمل ثقة الأب بالله.. فالله أدرى بمخلوقاته.. وليس الطبيب هو من يحدد موعد وفاة الإنسان… فالأعمار بيد الله سبحانه وتعالى.نحتفل في عام 2012 ببلوغ (عمّار) 26 عاماً، لم تكن شكوك الطبيب صحيحة 100 % بوفاة عمّار.. عمّار الآن من ذوي الإعاقة.. لا يمكنه تحريك إلا عينيه ولسانه.. درس في أمريكا حتى الثالث ابتدائي في مدارس عادية مع أطفال طبيعيين وكان من الأوائل على دفعته في أمريكا.. وعندما عاد إلى المملكة العربية السعودية للإنضمام إلى الصف الرابع الإبتدائي تم رفضه من جميع المدارس العادية بسبب إعاقته.. حتى حاول واجتهد جده بأن يقنع مدير إحدى المدارس بإعطاء الفرصة لعمّار.. فقرر المدير بأن يقبله في نظام الإنتساب.. لم يكن للمعلمين القدرة والخبرة لتدريس عمّار.. خوفاً من التواصل معه وتشكيكاً بقدراته العقلية.درس عمّار كل سنوات دراسته بنظام إنتساب من الصف الرابع الإبتدائي حتى تخرجه من كلية الإعلام بجامعة الملك عبدالعزيز.. كانت المدارس والجامعة التي تخرج منها غير مهيأة لاستقباله في أيام السنة الدراسية ولا تفتح أبوابها له إلا في فترة الإختبارات.. وكانوا أساتذة الجامعة يغلقون الأبواب في وجهه إذا أراد أن يدخل محاضرة ما.. وكأن الدراسة محصورة للأصحاء فقط، وكما يقول عمار: الواقع أحياناً أغرب من الأفلام والروايات.مع وجود كل العوائق والصعاب والإهمال.. تخرج عمّار من الثانوية العام بنسبة 97 % وتخرج من كلية الإعلام بإمتياز مع مرتبة الشرف كونه حصل على المركز الأول على دفعته.. وأصبح صحفياً بجريدة عكاظ السعودية محققاً لأمنيته منذ الصغر بأن يكون صحفياً له مكانة كبيرة في الصحافة العربية. بالإضافة إلى حفظه للقرآن الكريم كاملاً في سنتين فقط. حكمة عمّار في الحياة (ياتختار.. ياتنهار).. ما أجملها من جملة يقولها إنسان تغلب على إعاقته ليكون رمزاً لقوة الإرادة.. الوطن العربي أهمل الكثير من ذوي الإعاقة لأنه يعتقد بأن دولنا هي للأشخاص المثاليين صحياً الذين يستطيعون تحريك أرجلهم وأيديهم.. حتى لو لم يكونوا مُحركين لعقولهم وقلوبهم! إن الإعاقة هي اختيار.. فالمعاق هو من يرى المصاعب والعوائق ويكتفي بالجلوس مكانه بدون محاولة كسر القيود ليحولها إلى وقود يسير به نحو أحلامه.. كم شخصاً حمل مُسمى مُعاق استطاع أن يحقق مالم يحققه شخص آخر.. وكم شخصاً بكامل صحته وعافيته لم يستطع تجاوز العوائق ليحقق أحلامه.استطاع عمّار أن يلهم الكثير عبر الفيديو الذي يحكي عن قصة حياته في اليوتيوب..وجذب أكثر من مليون مشاهد في أقل من أسبوع..فهو لم يكتف بالوصول إلى أهدافه الخاصة.. بل اهتم أيضاً بنشر جرعات التفاؤل والإيجابية لنقهر المستحيل ونصل إلى أحلامنا..كم عمّار بيننا يمكنه الإعمار؟حساب عمّار في تويتر: @ammarbogis