16 سبتمبر 2025

تسجيل

أيام الدم والجمر في غزة

04 أغسطس 2014

شاهدت على شاشات المحطات الفضائية من وقائع القتل الممنهج والشديد القسوة من قبل قطعان بني صهيون في قطاع غزة ما يندى له الجبين الإنساني. وبالطبع هم مجردون من كل إنسانية ولا يهمهم مثل هذا الخطاب. وهو ما يؤكده وجودهم غير الشرعي في فلسطين. كل فلسطين. منذ أكثر من قرن مارسوا فيه أبشع أشكال الاغتصاب للحقوق والانتهاك للأرض والحجر والشجر. هل رأيتم في التاريخ الإنساني وقائع تشبه وقائعهم؟ لا أظن. وما صرخ به غير فلسطيني وفلسطينية فقدوا أحبتهم شهداء أو جرحى أو فقدوا مأواهم الوحيد في القطاع لا يعبر سوى عن بعض الألم لكن كل الألم مازال مستورا في الأفئدة سيخرج يوما عندما تهب رياح انتفاضة حقيقية أو حراك شعبي حقيقي منظم ومرتب له ليقتلع جذور هذا الاحتلال الأسود والهمجي والدموي والذي لا ينهض أو يستمر إلا على جماجم الفلسطينيين خاصة أطفالهم ونساءهم وكبارهم وبالتأكيد شبابهم مثلما شاهدنا من عمليات إبادة جماعية في مناطق خزاعة والشجاعية ورفح وغيرها من مناطق ومدن قطاع غزة الأسطوري في صموده.كانت صرخات رجال ونساء غزة موجهة إلى العرب. الأشقاء العرب. متسائلة عن سر غيابهم عن المشهد. عن مبرر لوقوفهم عاجزين عن أي فعل إيجابي ينقذهم مما هم فيه. عن شهامة كانت سائدة في الأزمنة القديمة وفي التاريخ القريب. لكنها الآن باتت مغيبة إلا من بيان هنا أو استنكار هناك. أو حتى إرسال كميات من الأغذية والأدوية إلى سكان القطاع وأحسب أن هذه التساؤلات والصرخات صحيحة لأن الأشقاء العرب لم يقدموا منذ عقد الاجتماع الطارئ لوزراء خارجيتهم في القاهرة بعد اندلاع العدوان في الثامن من يوليو الماضي بحوالي أسبوع. ما يمكن اعتباره رادعا لعدوان قطعان بني صهيون على غزة إن لم يسهم في إطالة أمده بما نتج عنه من قرارات هزيلة انصبت في أغلبها. فضلا عن المطالبة اللفظية بوقف العدوان. على التوجه إلى الولايات المتحدة والأمم المتحدة لممارسة الضغوط على الكيان لوقف عدوانه.لقد جاء إلى المنطقة جون كيري وزير خارجية الولايات المتحدة وأخذ يتحرك بين القاهرة ورام الله والقدس المحتلة وباريس. وهو الأمر نفسه ما فعله بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة . وإن لم يشارك في اجتماع باريس ولم تسفر جهودهم وجهود غيرهما من الأطراف الدولية التي توصف في العادة بأنها تمتلك أدوات التأثير في المشهد الإقليمي إلا عن "تهدئات إنسانية"لا تستمر سوى بضع ساعات وفي بعض الأحيان أقل من ذلك بكثير ثم يسارع قطعان بني صهيون إلى خرقها وممارسة آلة القتل والتدمير في شعب أعزل ومنازل غير محصنة.شخصيا ليس لدي ثقة في المدعو كيري أو أركان إدارة أوباما أو غيره من الإدارات السابقة واللاحقة. فكلهم عناوين فضفاضة لقوة دولية سرعان ما تنكمش أمام الوحش الصهيوني الرابض في مجموعات الضغط بواشنطن. ورجال الأعمال اليهود المتوغلين في أهم قطاعات الاقتصاد الأمريكي والقادرين على التأثير على المسارات الانتخابية سواء على مستوى التشريع أو الرئاسة. لذلك فالكل يضع اعتبارا لأموالهم وتأثيرهم. ومن ثم ليس ثمة مجال لإغضاب الكيان أو دفعه لاتخاذ خطوات تتعارض مع مشروعه الاستعماري الاستيطاني في فلسطين وفي عموم المنطقة العربية. ولا أظن أن أفضل دليل في هذا السياق يتمثل في قيام الكونجرس باعتماد المبالغ المطلوبة لتعزيز فعالية القبة الحديدية في الكيان. والتي لم تظهر بصورة أكثر نجاعة في مواجهة صواريخ المقاومة. وإن لم تخني الذاكرة. تجاوزت الـ700 مليون دولار. بالإضافة إلى الموافقة على طلب لحكومة الكيان بتزويد جيشها بكميات إضافية من الذخائر وهي بالمناسبة مخزنة في فلسطين المحتلة 1948 لحالات الطوارئ التي تتعلق بخطط الولايات المتحدة في المنطقة. لكن إدارة أوباما رأت أن يتم تقديم الكميات المطلوبة من هذه الذخائر المخزنة التي سيتم تعويضها لاحقا من مخازن البنتاجون في واشنطن وغيرها من المدن الأمريكية . فهل ثمة ما هو أبشع من ذلك. ثم تريدني أن أقتنع بمصداقية تحرك واتصالات كيري لوقف إطلاق النار. بينما إدارته تصب المزيد من الزيت والوقود والذخائر عير ما تزود به الكيان من أفتك الأسلحة والعتاد العسكري. هل هذا هو دور الوسيط النزيه الذي ارتضاه العرب للأسف منذ التوقيع على اتفاقيات السلام المشؤومة. بداية من كامب ديفيد مرورا بوادي عربة وصولا إلى أوسلو. فضلا عن ذلك فإن كيري نفسه هو الذي عجز عن تحقيق وعوده بالدخول في مفاوضات سلام ثنائية بين دولة فلسطين. والكلام من عندياتي فإدارته لا تعترف بإطلاق مسمى الدولة على السلطة الوطنية بقيادة الرئيس محمود عباس أبو مازن – والتي استغرقت تسعة أشهر. دون أن يتمكن من تحريك الموقف الصهيوني سنتيمترا واحدا باتجاه ما تم التوافق عليه من مبادئ وقواعد قبل البدء في المفاوضات. فكيف يكون قادرا وإدارته منحازة بكل هذا القدر من الانحياز وإعلانها في أوج العدوان أنها ملتزمة بأمن الكيان على تحقيق وقف إطلاق النار. بل إن أوباما هو صاحب فكرة نزع أسلحة المقاومة في غزة. وهو ما جعل منها. كبير قطعان بني صهيون بنيامين نتنياهو.عنوانا لطروحاته في معالجة الأزمة من منظوره المتطرف والمجرد من الإنسانية. على نحو تجاوز بكثير ممارسات أدولف هتلز الزعيم النازي الألماني في ثلاثينيات القرن الفائت أما بالنسبة للأمم المتحدة فإنه رغم النوايا الحسنة لأمينها العام "بان كي مون: "صاحب الابتسامة المرسومة بإتقان ولكن من دون أي حرارة ولا تعرف لمن هي موجهة. فإن معضلته الكبرى تكمن في أن يردد طروحات تساوي دوما بين الضحية والجلاد القاتل والمقتول وهو ذات الكلام الذي تسوقه الدبلوماسية الأمريكية والغربية في كل المناسبات والحروب التي وقعت بين العرب والفلسطينيين من ناحية وقطعان بني صهيون. فمن الضروري مراعاة حق الكيان في الوجود أو في الدفاع عن ذاته والمحافظة على أمنه. وعليه في المقابل أن يتوقف عن القتل المفرط وحتى عندما دكت مقاتلاته المدارس التابعة للأونروا وهي المنظمة الدولية المسؤولة عن اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة والتي تستجدي موازنتها. لم نقرأ إلا بيانات فضفاضة من قبل كي مون وغيره من مسؤولي المنظمة الدولية. دون أن يكون ثمة تهديد واضح باتخاذ إجراءات محددة ضد الكيان في حال تكراره قصف هذه النوعية من المدارس التي تؤوي آلاف النازحين عن منازلهم المدمرة في قطاع غزة.إذا كانت ملامح أيام الدم والجمر والعدوان في غزة على هذا النحو فمن ينقذهم؟ليس أمام الشعب الفلسطيني. سواء في ضفته أو في قطاعه إلا الاعتماد على الله ثم على نفسه. مستمرا في صموده مبدعا أشكالا جديدة من المواجهة مع العدو قد تصل في مرحلة لاحقة -إن لم تسفر اجتماعات القاهرة التي يشارك فيها وفد فلسطيني. ممثلا لكافة الفصائل بما في ذلك حماس والجهاد عن نتائج جادة لوقف العدوان على قواعد تتلامس مع المطالب المشروعة لهذا الشعب – إلى مستوى إطلاق انتفاضة ثالثة تقوم على المواجهة السلمية لإحراج العدو وهي تلوح نذرها في الأفق.