11 سبتمبر 2025
تسجيلجاء يوم الثلاثين من يونيو، ومثل كل عام انفجرت صفحات السوشيال ميديا بالجدل حول ذلك اليوم، وظهرت الإدانات والدفاعات. حتى ظهور اعتذارات من بعض من أيدوا ذلك اليوم، وهو أمر يتكرر كل عام، لم يسلم أصحابه من الإدانة. هذا الجدل يمضي كالعادة الى الفضاء لكنه يعكس انقساما لا أدري إلى متى يستمر، وقد مضت إحدى عشرة سنة على ذلك اليوم. لا ألوم أحدا ولن أدخل في الجدل ولن أكرر حتى أن الثلاثين من يونيو غير الثالث من يوليو. في كل الأحوال وبشيء من الموضوعية لا يمكن النظر إلى ذلك اليوم دون زمنه، فهو لم يهبط من السماء. مهم أن نتذكر قبل الإدانات أمرا شديد الأهمية، وهو أنه في العامين التاليين لثورة يناير، كانت روح الثورة في كل الأجيال، ومن ثم كان سلوك الكثير من أيقوناتها متسقا مع هذه الروح. أعطيكم مثلا واحدا يفسر ما أقول وهو عندما صارت الانتخابات عام 2012 بين أحمد شفيق ومحمد مرسي، ذهب الكثير من الشباب إلى محمد مرسي بروح الثورة التي أعلنت رفضها للحكم العسكري، وكان شعارهم مع محمد مرسي، أن الشارع موجود يمكن الخروج عليه إذا ابتعد عن روح الثورة، ولقد حدث فلم تتوقف المعارضات لسياسة الإخوان المسلمين. ضاعت أصوات المقاطعين والمبطلين لصوتهم في تلك الانتخابات باعتبار أنه لا فرق بين حكم عسكري وحكم ديني. لقد كانت الثلاثين من يونيو هي تجلي للروح العام رغم قلة كانت ضدها، فالأغلبية لم تكن تدري مَن وراءها، إلا ما يرونه بأعينهم من تشجيع بعض السياسيين ورجال الأعمال في أعمال بسيطة مثل طبع استمارة تمرد وتوزيعها، ولا يعرف الكثيرون مثلا ما اعتبروه مؤامرة. لكن بعد ذلك جرى ما جرى من وأد روح ثورة يناير. لقد حدث هذا بطريقة نعرفها كلنا، أقلها أنه خلال العام من الحكم الانتقالي بعد الثالث من يوليو، ظهرت قوانين مضادة لروح وأهداف الثورة، ومضادة لكل تقدم، مثل قانون الحبس المفتوح الذي يصل إلى عامين وقانون التظاهر، حتى صار الحكم عسكريا في كل تجلياته من الاقتصاد إلى غيره. من ظل مخلصا لثورة يناير من الشباب أو الكبار صارت القوانين الجديدة طريقه إلى السجن، فانطفأت روح الثورة وصارت الآن صرخات على السوشيال ميديا، فحتى الأحزاب التي نشأت مع الثورة تم إفراغها من قوتها بالحصار. ما أقوله ليس رأيا لكنه واقع الحال. وأعود إلى سؤالي عن الجدل السنوي وعدم جدواه. بالطبع السوشيال ميديا تساعد على ذلك فهي المتنفس الباقي، لكن ألا تكفي عشر سنوات. أعرف أن الإدانات ستمضي مثل كل عام، ويبقى الحال على ماهو عليه مادامت النفوس قد ارتاحت. لكن هل ارتفاع الإدانات سيساهم في أي حل إيجابي، أم النظر إلى ما حولنا هو الأجدى؟ أكرر أهمية عبارة النظر إلى ما حولنا. لم تعد روح الثورة موجودة عند الأغلبية، ولم يعد «الشارع لنا « كما كان الشعار وقتها. إدانات كل عام هي حالة من الراحة النفسية، لكن كيف حقا لا ينظر الجميع حولهم؟ أعرف أن كلمة ثورة صارت عند الأغلبية تثير الشفقة وعدم الالتفات، وأقصد هنا ثورة يناير التي يروج النظام مقولة أنها سبب فيما نحن فيه من خسارات، بينما هي لم تحكم. حين تفشل الثورات تحتاج الأمم إلى أعوام طويلة تتجاوز عشرات السنين لتعود إلى قوتها، والمهم هو أن تنظر حولك، فالإدانات مريحة نفسيا لكنها لا تتقدم بأصحابها ولا بالبلاد.