15 سبتمبر 2025
تسجيلفي البداية نبارك لجميع الطلاب والطالبات الذين نجحوا وتفوقوا، ونسأل الله أن ينفع بهم البلاد والعباد. ونود أن نتحدث اليوم عن بعض الشباب والفتيات الذين ينجحون بسبب الغش؛ وماهي أبعاد الغش على الحاضر والمستقبل؟ وماهي الأضرار المترتبة على الفرد والمجتمع؟ وماهي عواقبها في الدنيا والآخرة؟ وكيف نساعد البعض في التخلص من هذه الآفة؟ يعدُّ الغش بشتَّى أنواعه آفةً من الآفات الخطيرة المدمرة للفرد والمجتمع على حد سواء، والغش في أبسط تعريفاته نوع من التدليس والخديعة والتزييف لحقيقة الشيء، وهو يدل على الطمع والجشع وأخذ ما لا يحق للإنسان بطرقٍ متعددة ملتوية، وهي أساليب الغش. والشخص الغشَّاش يتسم بالطَّمع فلا ينظر إلا للأطماع والمكاسب التي يمكنه أن يحصل عليها دون أن يلتفت إلى ضحايا هذا السلوك السيئ، ألا وهو الغشُّ، ولا يهتم الشخص الغشاش بالنتائج السلبية التي تنتشر في المجتمع من حوله جرَّاء هذا التصرف السلبي. وتتعدَّد مجالات الغش كغش البيوع والمعاملات، والغش في العمل، والغش في الزواج، والغش في الاختبارات، وكل أنواع الغش محرَّمة في الإسلام حرمة شديدة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من غشَّ فليس مني)) رواه مسلم. وفي رواية أخرى للحديث عند مسلم: ((من غشنا فليس منا)). وهذا لفظ عام، يعمُّ الغشَّ في البيوع والمعاملات، وفي النصيحة والمشورة، وفي العلم والاختبارات بجميع المواد الدينية والدنيوية. والغِشّ في الاختبارات هو محور تركيزنا في مقال اليوم لأهميته القصوى، فهذا الغشُّ من أخطر أنواع الغش؛ لذا كثرت فيه فتاوى أهل العلم، وهو مُحرَّم بالإجماع من قِبَل العلماء؛ فهناك بعض الطلاب للأسف الشديد يتساهل في الغش بالاختبار، فيجتاز المرحلة الدراسية تلو الأخرى، فينجح بالغش، ويحصل على شهادة بالغش، ثم وظيفة بالغش، ثم راتب يتزوج منه ويعول به أسرته، وإذا نظرت إلى الأصل وجدتَه بُني على غش وتدليس وزيف. ولا شك أن ما بُني على باطل فهو باطل، فيكون ذلك الشخص قد أخذ مالًا ليس من حقه، فكَسْبُه حرام، وينفق على زوجته وأولاده من مال حصل عليه بالغش، فهذا الغش سيكون وبالًا على صاحبه في الدنيا وخسرانًا وندامةً يوم القيامة، وسوف تُقام عليك الحجة يوم القيامة، فيسألك أهلك وأبناؤك لِمَ أطعمتنا وكسوتنا من حرام؟! نسأل الله العفو والمعافاة من كسب الحرام وسوء الختام. لذلك نقول ونكرر: إن غِشَّ الطلاب في الاختبارات كارثة دينية ودنيوية لأنه يتسبب في حصولهم على شهادات لا يستحقّون الحصول عليها، وشغلهم لمناصب هم ليسوا أهلًا لها، فلا يجوز للطالب ولا للمدرس فعل هذا العمل المُشين ولا التساهل فيه، ولا التغاضي عنه؛ لحرمته في الدين، ولما يترتب على الغش من المفاسد والأضرار والعواقب الوخيمة في المجتمع بكافة مؤسساته؛ لذلك أوجه لكم بعض الرسائل المهمة في هذا الموضوع: •رسالتي الأولى لكل أب وأم: يجب تربية أبنائكم على الجد والاجتهاد والمثابرة للحصول على ما يريدون، وتربيتهم أيضًا على حرمة الغش ومخاطره، وأنه لا يوصل الشخص إلى بغيته أبدًا، وإن وصل؛ لأن النجاح الحقيقي يأتي بعد تعب وجهد وسهر، فحينها يشعر الإنسان بنجاحه ووصوله لهدفه. ◄ الرسالة الثانية إلى المعلم والمعلمة: أنتما في موضع أمانة ومسئولية، فالمناصب التعليمية من أثقل الأمانات لأنها تُخرِج لنا أصحاب المناصب والوظائف كلها؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا ضُيِّعت الأمانة فانتظر الساعة. قال: كيف إضاعتها يا رسول الله؟ قال: إذا أُسنِد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة)). فيجب عليكم تشجيع المُجِدّ المجتهد، وعدم السماح للمُخفِق المستهتر بالنجاح عن طريق الغش؛ فيستوي بذلك مع مَن تعب وسهر؛ فحينها تضيع الأمانة، وتندثر القيم؛ فيشعر المجتهد أنه ضيَّع وقته سدَى فيقول في نفسه: نجح زميلي فلان بدرجات عالية مثلي بالغش. وربما أراد تقليده، ونرى الغش أصبح ظاهرةً بسبب تساهُل بعض المعلمين وعدم محاصرتهم لهذا السلوك للقضاء عليه تمامًا. ◄ رسالتي الثالثة والأهم: لأبنائي وبناتي الطلبة والطالبات، عليكم أحبتي بالصبر على طلب العلم وتحصيله، فهذا هو أساس النجاح والفلاح، فلا بد من الجد والاجتهاد حتى تصلوا إلى أهدافكم وأنتم فرحون بما أنجزتم في مشواركم الدراسي، ويجب عليكم معرفة حرمة الغش ومخاطره عليكم وعلى المجتمع من حولكم، ومن ابتُليَ منكم بالغش في السابق فيجب عليه التوبة إلى الله والعزم على عدم العودة إلى هذا الفعل مرة أخرى، ومعاهدة الله تعالى على بذل الجهد في الدراسة حتى يمكنكم النجاح بفخر واعتزاز. ◄ طرق نافعة لعلاج الغش: - تضرُّع الإنسان لله عزَّ وجلَّ، وإخلاصُ العمل له، وسؤاله بأن يكفيَه بالحلال عن الحرام. - الأمرُ بالمعروف عن طريق الموعظة الحسنة. - النهي عن المُنكر. - تربية الأبناء تربية إسلاميَّة سليمة، مع الالتزام بأحكام الشريعة وآدابها. - الثقة بالله عزَّ وجلَّ واستشعار مراقبته. - تحصيل الرزق بالطُّرق المباحة، والصَّبر على ذلك. - رضا الإنسان وقناعته بما رزقه الله به. - جلوس الإنسان مع الرفقة الصالحة. - وضع عقاب رادع للغش. ◄ دعاء : اللهم أصلح أبناءنا وبناتنا أجمعين، وجَنِّبهم الغش، واجعلهم من المتفوقين الناجحين بفضلك وكرمك يا أكرم الأكرمين، وارزقهم الإخلاص والقبول، وافتح عليهم فتوح العارفين، وجنبهم الغش، واحفظهم من رفقاء السوء،ونَوِّر عقولهم يا رب العالمين وانفع بهم دينهم ووطنهم وأمتهم والإنسانية جمعاء.. اللهم آمين.