16 سبتمبر 2025

تسجيل

صيف الدم العراقي الساخن الرهيب

04 يوليو 2015

وسط أجواء حشد إقليمي غير مسبوق في محاربة الإرهاب بعدما حدث في الكويت مؤخرا، وفي خضم حالة توجس إقليمية مرعبة من امتدادات وتشابكات صراعات طائفية ساخنة في نقاط سوداء تمتد من الساحتين العراقية والسورية والدور الإيراني الفاعل في تغذيتها بالمال والسلاح والحاضنة الأيدلوجية، تسير الأوضاع المتدهورة أصلا في العراق نحو حافات خطرة من التشابك الداخلي بين القوى الميدانية المتصارعة والتي زاد نيران استعارها انكشاف التدخل الإيراني الواسع في إدارة محاور الأزمة الداخلية من خلال إعلان الحرس الثوري الإيراني الصريح عن وجوده الميداني وقتال قياداته وعناصره في ميادين العراق الساخنة بعد أن أضحى الحشد الشعبي الطائفي هو المعيار الأساسي للقوة العسكرية العراقية، فطبول الحرب قد تسارعت إيقاعاتها مع التهديدات اللفظية المنطلقة من أفواه القيادات الطائفية التي تحرض ليل نهار على الهجوم على مدينة الفلوجة التي يعتبرها الإيرانيون وأشياعهم في العراق النقطة المركزية في أي معركة قادمة، فمن دون السيطرة التامة على الفلوجة فلا معنى لأي معارك قادمة، هذا ما أكد عليه قائد الحشد هادي العامري، وما ركز عليه أيضا نائبه ورجل إيران الأول في العراق الإرهابي الدولي جمال جعفر الشهير بأبي مهدي المهندس المطلوب للقضاء الكويتي والمحكوم بالإعدام غيابيا هناك والمطارد أمريكيا أيضا وحيث يغض الأمريكان الطرف عن نشاطاته وعن وجوده، فيما يصمت الكويتيون عن المطالبة به لأسباب ذاتية وموضوعية، المهندس أطلق أسخن التصريحات التهديدية ضد الفلوجة، متوعدا إياها بالويل والثبور، ومعتبرا معركتها القادمة قد اقتربت وهي الطريق لتحرير الأنبار ومن ثم الموصل من قبضة تنظيم الدولة الإسلامية، رغم أنه يتفاءل كثيرا ويطلق تصريحات لا علاقة لها بالواقع العسكري الميداني المعاش، وهو واقع صعب تعبر عنه عشرات الجثث الإيرانية أو تلك التابعة لعناصر الحشد التي لم تستطع ضمان السيطرة على قضاء بيجي الصغير ومصفاه النفطية التي أضحت نقطة استنزاف دموية رهيبة كلفت الحرس الثوري وعناصر الحشد مئات القتلى دون التمكن من حسم السيطرة عليها، لذلك فإن الحديث عن تحرير الأنبار أو الموصل يبدو خارجا عن سياق الحسابات الواقعية في ظل الصراع الداخلي للائتلاف الوطني المهيمن على السلطة والرئاسة وتسارع الحديث عن تحديد المسؤوليات القانونية عن سقوط الموصل صيف العام الماضي والجهود المبذولة لإحالة رئيس الحكومة السابق نوري المالكي للمحاكمة بصفته القائد العام الأسبق المسؤول عن الهزيمة وتداعياتها، وهو الأمر الذي يثير نزاعات بينية حادة داخل الائتلاف الحاكم والمتصدع من الداخل لولا الدور الإيراني المباشر في ضبطه وتعزيزه وإبقائه على قيد الحياة، ففي البصرة مثلا تطور الصراع الداخلي بين الأحزاب والجماعات الشيعية نحو نهايات تصادمية بعد تغول جماعة الحشد بقيادة المهندس ومداهمتها لمكاتب جماعة الحكيم والمجلس الأعلى وتحديها لمحافظ البصرة المنتمي لتلكم الجماعة، مما يعني أن هنالك توجها واضحا لتوحيد القيادة الطائفية تحت لواء جماعة الحرس الثوري الإيراني في العراق،.من الجانب الآخر فإن جماعة الحشد وهي تهدد وتتوعد الفلوجة والرمادي وتلوح بقرب انطلاقتها لتحرير الموصل قد وسعت مساحة وجودها تناسبا مع الوجود الإيراني المسلح وحيث أعلن هادي العامري عن مشاركة جماعته في القتال في الحسكة السورية بجانب قوات النظام السوري وكتائب البعث والجماعات الكردية ضد تنظيم الدولة. أي أن الأمر تجاوز بكثير حكاية الدفاع عن الأضرحة المقدسة لتتضح طبيعة التعاون الإستراتيجي والمصيري للحلف الإيراني في المنطقة... وفي الوقت الذي يضرب فيه نظام بشار في ساعات احتضاره بأقصى قوته وبالبراميل القذرة شعبه، فإن التحالف الطائفي العراقي اتبع نفس المنهج في ضرب واستنزاف الفلوجة واستهداف المدنيين لكسر الإرادة.