16 سبتمبر 2025

تسجيل

ضياع الصلاة

04 يوليو 2014

إننا في هذه الأيام المباركة والليالي العظيمة ليالي شهر رمضان بما تحمل من صيام وذكر وقرآن وتراويح وقرب من رب البرية وطمعا في جنة عرضها السموات والأرض ،إننا في وسط هالة من نور بين فرائض الله تعالى في هذه الأيام والتي تحمل بين طياتها أجل معاني العبودية لله تعالى من صيام وقرآن وصلاة ،فشهر رمضان شهر مبارك حقا يمتلىء بالنور؛ نور الصيام ونور القرآن ونور الصلاة ، فالصلاة صلة بين العبد وربه تترك من الآثار الإيجابية في نفس المسلم ما يميزه عن غيره فهي تنهاه عن الفحشاء والمنكر، وتعوِده على الانضباط والإتقان، فكان من عطاء الله تعالى لخلقه ومن منه وكرمه عليهم ،أن نظم لهم وفرض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة لتأكيد الصلة به ،تحفظهم على تباعد فتراتها من الضياع سحابة نهارهم، كما حثهم على الاستزادة من هذه الصلاة تنفلا في الليل والنهار، كما شرع لهم من العبادات ما يحصلون به القرب الذي يكون سببا في الحماية من المهالك وسفن النجاة التي تحملهم إلى بر الأمان.وفي هذا يعلمنا رب البرية في الحديث القدسي على لسانه نبيه صلى الله عليه وسلم بأنه "ما تقرب إليَّ عبدي بشيء أحب إليَّ مما افترضته عليه وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ورجله التي يمشي بها وإن سألني لأعطينه ولئن استعاذ بي لأعيذنه"، المسلم الذي يلبي نداء الله عز وجل مستشعرا عظمة الخالق سبحانه وتعالى ، لذا فهو يشعر بلذة المناجاة عندما يتضرع إلى ربه وهو يؤدي هذه العبادة ،فهو يعلم علما يقينيا لاشك فيه أن الشريعة كلها فوائد؛ فهي إما تدرأ مفسدة أو تجلب مصلحة، وقد بين في كتابه الكريم ما في بعض الأحكام من المفاسد فحث على اجتناب هذه المفاسد، وما في بعض المصالح فحث على إتيان هذه المصالح والامتثال لها. فلتكن أيها اللبيب حذرا و خلقك القرآن ولاتكن مقلدا أعمى فيوردك ذلك إلى مالا تحمد عقباه، ولتكن مميزا في كل شؤون حياتك تظهر عليك علامات الإسلام وأمارات التقوى وصفات المسلم الذي يعتز بالقرآن وآدابه ويكون مثله وقدوته سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.فإن ما نشهده اليوم من تخلف بين صفوف المسلمين وتنكرهم لرابطة الإيمان المتينة قد تسرب إلى مجتمعاتهم في صورة سموم وآفات، فاشتغلوا بما لا ينفع وأضاعوا أوقاتهم فيما لا يفيد فتخلفوا عن ركب الحضارة وصاروا تابعين لا متبوعين ،فالأمم الأخرى تسعى إلى طمس الهوية الإسلامية ،أما المسلم الحق الفعال فيسعى لتزويد أفراد الأمة بالقيم السليمة ،ومحاربة جميع المظاهر السلوكية المنافية لقيم الإسلام وتعاليمه ، لذا فهو يحرص على نفع الناس في مجتمعه ودفع الأذى عنهم فيصبح عنصرا صالحا ،إن الإنترنت وسيلة للإرسال والاستقبال دون رقابة آو تحكم من أية جهة فمن الصعب وضع ضوابط لضمان استخدامها بطريقة سليمة بمعزل عن الوازع الديني والأخلاقي والثقافي والتربوي ووعي المستخدمين هو الذي يمكن أن يعول عليه. فلا بد من التأكيد على ضرورة تحصين الشباب من خلال التربية السليمة والأسرة الواعية والدعاة الذين يعرفون واجبهم ، فالغارة على العالم الإسلامي استهدفت شخصية المسلم ومناهله الفكرية والروحية.لذلك فإن الإسلام ينطلق بالمسلم من حيث هو يأخذ بيده ويرتقي به ويهذب من سلوكه ويغير من عاداته، وذلك من خلال العبادات التي افترضها الله سبحانه وتعالى عليه، فيجعل منها عاملا أساسيا في تربية النفس وتزكيتها وتهذيبها وإصلاحها، فالصلاة يتجسد فيها قمة العمل التربوي لتصبح ميدان تربية متكاملا يكون له أكبر الآثار الإيجابية ومنها، أنه تهذيب قويم للنفس وإصلاح وتغيير للسلوك، فيجرد العبد قلبه من كل الفتن والأهواء ،ويقبل على العبادات مستسلما لربه ،متعلقا قلبه بمحبة الله تعالى وطاعته،فحياة المؤمن كلها صراع بين الحق والباطل والهدى والضلال ،فإن هو استجاب لداعي الحق والهدى ارتقى إلى أعلى الدرجات.