11 سبتمبر 2025

تسجيل

مشاهدات من مؤتمر أستانة

04 يوليو 2011

تغيير المؤتمر الإسلامي إلى التعاون ليس شكليا ويهدف لتطوير المنظمة بقصر الاستقلال المبني على الطرز المعمارية الحديثة التي تعكس حالة الانسجام مع حضارة الحديد والزجاج والتكنولوجيا والزاخر بالغرف والقاعات المجهزة احتضنت عاصمة قازاخستان – أستانة – في الفترة من 28 إلى 30 يونيو الماضي مؤتمر مجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء بمنظمة التعاون الإسلامي والتي باتت تعرف بهذا الاسم بعد أن قرر المجلس بصورة جماعية تغيير اسمها القديم - منظمة المؤتمر الإسلامي لم يكن المؤتمر- الذي يعقد مرة كل عامين -عاديا فقد تجاوز الملفات والبنود التي اعتاد بحثها واتخاذ قرارات روتينية بشأنها بعد أن فرضت جملة المتغيرات الناتجة عن الثورات والأزمات في المنطقة العربية حضورها القوي على جدول أعماله وهو الأمر الذي جعلها عنوانا رئيسيا لمعظم الجلسات العامة واجتماعات اللجان المتخصصة وإن ألقي الموقف المتحفظ لقازاخستان - الذي ينظر إلى هذه الأحداث بحسبانها تصب في رفع وتيرة الاضطرابات في المنطقة ونتجت عن مجرد الاختلال في منظومة النمو الاقتصادي والاجتماعي في البلاد التي تشهدها عبر عنه رئيسها "نور سلطان نزار باييف "في كلمته في افتتاح المؤتمر أو وزير خارجيته " أرجان قاضي خانوف" في مداخلاته خلال الجلسات ولقاءاته الإعلامية بظلاله على البيان الختامي للمؤتمر الذي صدر باسم إعلان أستانة حيث لم يتضمن سوى التعبير عن القلق تجاه الأحداث في ليبيا دون أن يتطرق إلى تحديد موقف من كل من الأزمة الليبية والأزمة السورية رغم حالة التدهور التي تعيشها البلدان من جراء تفاقم الأوضاع فيهما خاصة في الحالة السورية التي تشهد استمرارا في قيام قوات الجيش والأمن في توجيه الضربات القوية للمحتجين تحت حجة محاربة الجماعات المسلحة والإرهابية مما طرح تساؤلات عدة عن أسباب هذا التجاهل ما زالت دونما إجابات. ولكن للإنصاف فإن الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي الدكتور أكمل الدين إحسان عبر بصدق في تقريره الشامل في افتتاح عن الرفض القاطع لأي ممارسات سلبية ضد المطالبين بالديمقراطية والعدالة والحرية وعندما سألته شخصيا عن ازدواجية المعايير في التعامل مع الحالة السورية والتي لم يصل الموقف منها إلى حد الموقف الذي تبنته المنظمة وغيرها من المنظمات الإقليمية والدولية تجاه الوضع في ليبيا أجابني بالحرف الواحد: إن المنظمة لا تتبنى سياسة ازدواج المعايير فيما يتعلق بتعاملها مع الأوضاع التي تشهدها كل من سوريا وليبيا واليمن فقد أصدرت ثلاثة بيانات شديدة اللهجة حول هذه الأوضاع تؤكد بشكل قاطع رفض سفك الدماء وقتل المواطنين لكننا ننتهج الدبلوماسية الهادئة في الحديث مع حكومات هذه الدول ونحن نفضل العمل عبر هذا النوع من الدبلوماسية التي من شأنها أن توفر نوعا من الحذر والحيطة والتروي لأن الأمر يتعلق بوقف سفك الدماء وتمهيد الأجواء لقيام الحوار الوطني بما في ذلك البحرين وقد أرسلت مبعوثا خاصا للرئيس السوري بشار الأسد قبل فترة وبحث كما كلفت بعثة من مسؤولي المنظمة بالتوجه إلى طرابلس قبل أيام وسيتوجه إلى بني غازي خلال هذا الأسبوع ليواصل بحث المسألة مع المجلس الانتقالي الذي لم نعترف به لأنه ليس من شأن المنظمة الاعتراف بالدول أو الحكومات بيد أن هناك عددا من الدول الأعضاء فيها قررت من قبل الاعتراف بالمجلس. ويمكن القول إن التحول إلى مسمى منظمة التعاون الإسلامي عوضا عن المؤتمر الإسلامي شكل جانبا مهما من جوانب استثنائية مؤتمر أستانة رغم طابعه الشكلي فهو قد حرر المنظمة من مسمى لم يكن ذي معنى واضح المعالم فمفردة المؤتمر تنطوي على عمومية وتفتقد دفء الخصوصية وكل يوم بل كل ساعة يعقد مؤتمر في منطقة من العالم ومن ثم كان من الضروري التحول عن هذا المسمى الذي ظل سائدا لأربعين عاما ومعبرا عن حالة تجمع نفر من قادة وزعماء الدول الإسلامية في العام 1969 للتصدي لتداعيات الحريق الذي تسبب فيه متطرف صهيوني في هذا العام ضمن المخطط العدواني للدولة العبرية للقضاء على المقدسات الإسلامية خاصة بمدينة القدس وفي الصدارة منها بالطبع المسجد الأقصى وما زالت مصرة على الاستمرار في تنفيذ هذا المخطط على نحو لا يقيم وزنا للكتلة الإسلامية أو العرب أو المنظمات الدولية التي ترفض هذه المخططات على مستوى الخطاب فقط دون أن يمتد تأثيرها إلى منطقة الفعل التي تحتاج إلى إرادة سياسية قوية يبدو أنها لم تتبلور بعد. وتزامنت الموافقة على تغيير مسمى المنظمة قرار تغيير شعارها المكون من خارطة للكرة الأرضية فيها القارات التي تنتمي إليها الدول الأعضاء بالمنظمة وتتوسطها الكعبة المشرفة كدلالة على توحد العالم الإسلامي وقد سألت الدكتور أكمل الدين إحسان أغلو عن دلالات الاسم وأنه مجرد تغيير شكلي دون أن يمتد إلى إحداث تغيير في منهجها فعقب قائلا: هذا كلام يجانبه الصواب، فالشعار والاسم الجديدان لا يعكسان النواحي الشكلية فقط، بل هما امتداد لفلسفة ومفاهيم جرى تطويرها والتباحث في شأنها منذ ست سنوات، وانطلقت بها المنظمة عندما وضعت منهجا فعليا وجادا والذي يتمثل في برنامج العمل العشري الذي تمت المصادقة عليه في قمة مكة الاستثنائية عام 2005، كما ذكرت لك، وهو برنامج يرمي إلى تعزيز التضامن الإسلامي وتحويله من مجرد شعارات إلى خطة عملية ومنهجية يمكن تحقيقها في إطار إنجازات شاملة تضم الجوانب السياسية والتعاون التجاري والاقتصادي، والتنمية، فضلا عن الارتقاء بالجوانب الثقافية.. فضلا عن ذلك فإن تغيير الشعار والاسم يأتي بعد وضع ميثاق جديد يؤسس لمبادئ تتوافق مع متطلبات العصر، والمتغيرات الدولية التي شهدها العالم الإسلامي والعالم أجمع.. إذن تغيير شعار المنظمة واسمها لا يقف عند حدود الشكل، بل هو تطور طبيعي لما آلت إليه المنظمة كونها باتت جهة فاعلة ونشطة على مستوى العالم الإسلامي. وشكل الاتفاق على تأسيس هيئة دائمة ومستقلة لحقوق الإنسان تتبع منظمة التعاون الإسلامي تطورا نوعيا في مسار وأداء المنظمة يجعلها أكثر اقترابا من التعبير عن الشعوب تمكن مؤتمر أستانة من إنهاء الخلافات التي نشأت بين كل من المملكة العربية السعودية وإيران على استضافة مقرها وذلك بعد تدخل الوفد المصري الذي اقترح أن يكون مقر المنظمة مقرا لهذه الهيئة الوليدة. وثمة حرص بدا واضحا لتفعيل كفاءة وحركة المنظمة للانطلاق إلى جوانب عملية تتقاطع مع مصالح الأمة الإسلامية وهو ما تجلى في جملة من الأفكار والمقترحات التي قدمها رئيس قازاخستان نور سلطان نزار باييبف في مداخلته بالجلسة الافتتاحية لمؤتمر وزراء خارجية دول منظمة التعاون الإسلامي والتي يمكن إيجازها فيما يلي: أولا: إن القدرة على مواجهة التحديات الهائلة التي تواجه العالم الإسلامي تتطلب بالدرجة الأولى تحقيق السلام والاستقرار والمضي قدما باتجاه التحديث والتقدم العلمي والتكنولوجي فالأمة الإسلامية تمتلك إمكانات ضخمة لكنها في حاجة إلى استحداث الآليات الفعالة لتوظيفها واستغلالها على نحو يؤدي إلى توسيع الاستثمارات المشتركة والتعاون الكفء في المجال التقني. ثانيا: من الضرورة بمكان استعادة النهضة الحضارية الإسلامية التي شكلت في قرون سابقة أساسا قويا لانطلاق النهضة الأوروبية الحديثة وتساءل عن عدم قدرة الدول الإسلامية على تحقيق مراكز متقدمة في مجال العلوم التطبيقية بينما تمتلك إمكانات بشرية وطبيعية ضخمة. ثالثا: إن الدول الإسلامية تمتلك 70 في المائة من موارد العالم لكنها في المقابل لا تمتلك سوى 7 في المائة من حجم التجارة العالمية وهو وضع غير مقبول ويستوجب تعزيز كفاءة هذه الدول وتطويرها للعمل مع من أجل تحقيق التنمية كما يتطلب توفير البيئة السياسية والفكرية والاجتماعية لتهيئة أفضل الظروف للنهوض مجددا بالعالم الإسلامي. رابعا: إطلاق منتدى للحوار بين أكبر عشر اقتصاديات في العالم الإسلامي وإقامة صندوق إقليمي لتقديم العون في المجال الزراعي والغذائي للدول الأعضاء فالمطلوب هو حوالي تريليون دولار للحفاظ على الموارد الزراعية وتلبية متطلبات الشعوب الإسلامية حتى العام 2030. خامسا: إن هناك إمكانية هائلة للتعاون مع منظمة المؤتمر الإسلامي، نظرا لإمكانات دولها الاقتصادية، الأمر الذي يستدعي خلق آليات فعالة للتعاون الاقتصادي، وللدعم المتبادل وتعزيز التنمية فضلا عن اتخاذ التدابير اللازمة من أجل تعزيز المبادئ الأساسية للعمل المصرفي الإسلامي، وإنشاء بورصة إسلامية. السطر الأخير: وجهك لم يغادرني في أستانة رأيتك في النهر الحالم والبنايات الزجاجية وخضرة الحقول الممتدة ولون صبايا المدينة المغزول بالحنطة والرمان شاهدتك شمسا تبث دفئها فتسترخي البلاد بواحة عينيك تبثني أريجا وسفرا للعشق دونما عنوان تنفست براحتيك أيتها النائية القريبة المدهشة الراسمة في الأفق عبيرا لا ينسى متوجة بالياقوت والمرجان [email protected]