15 سبتمبر 2025
تسجيليُقال إن الوسائل التي أوصلتنا إلى الوضع الحالي ليس بالضرورة هي ذات الطرق التي ممكن أن تُوصلنا إلى أهدافنا ومبتغانا في المستقبل الذي نتطلع إليه ورسمناه حسب الاستراتيجية الطويلة الأجل، ولذلك فإن مما يمهد في هذا الاتجاه هو متابعة المتغيرات في السوق وحصرها وفهمها ضرورة، خصوصاً في أجواء تتسم بالتنافس، ويستدعي التأقلم معها المرونة والاستجابة السريعة في تعزيز العلاقة مع الزبون أو المنافسين أو في فهم معطيات السوق. أعتقد أن المستقبل يستدعي على وجه الضرورة تطورين يتمحوران حول تنويع مصادر الطاقة التي يعتمد عليها اقتصادات الخليج وقد لا حظنا أن بلدانا عدت بدأ عندها هذا الوعي واستثمرت فعليا في بناء مدن جديدة على أساس الطاقة المتجددة مثل قطر والإمارات والسعودية، ودول بدأت فعلياً في البحث والتطوير وأنشأت معاهد وجامعات متخصصة لهذا الغرض ووجدناها في قطر والسعودية، ودول تسعى لتوسيع مصادر الطاقة وعدم الاعتماد فقط على النفط ونرى قطر والسعودية والإمارات وعمان وأعتقد جازماً أن هذا مطلوب في المرحلة الحالية للعبور للمستقبل وضمان ارتياح الأجيال في المستقبل خصوصا أننا ننعم بأسعار مقبولة وفوائض مالية جيدة أيضاً يعيننا على القيام بتنويع الطاقة والاقتصاد الآن، كذلك هناك تطور وهو تقنين الدعم للمواطن بشكل يساعد على النقلة النوعية للمستقبل وهنا نجد بلاداً كثيرة قد انطلقت في هذا الاتجاه ومن بينها الصين والهند وإيران وغيرها رغم صعوبة الوضع وفي الخليج العربي نجد الإمارات وعمان وقطر، هناك طرق كثيرة لدعم المواطن لكن ما نحتاجه هو ترشيد الاستهلاك بكل أنواعه وهو بلا شك يخفف العبء على الزحام والحوادث في الشوارع وبالتالي يساعد في الإسهام في التخفيف من الانبعاثات في الجو وكذلك يسهم في الاستثمار في محطات الكهرباء للمستقبل بطريقة أكثر واقعية. المتغيرات في المستقبل تتمحور حول النقاط التي سأذكرها وهي قد بدأت منذ سنوات ولكن تأثيراتها ربما ستكون أكبر في المستقبل والدول التي ستكون أكثر عرضة للتأثر هي التي تعتمد على مصدر واحد للدخل والإيرادات مع ارتفاع وتيرة التنافس.توقعات بأنه بحلول 2030 ستشهد السوق تطورا يتركز على عدم استئثار أي من أنواع الوقود الأحفوري على السيادة ضمن خليط الطاقة وإنما تدور مساهمة كل منها (النفط، الغاز، الفحم) حول 27% وهو ما يعني خفضا في إسهام النفط والفحم وارتفاع في إسهام الغاز وطبعاً مع ارتفاع في إسهامات الطاقات المتجددة الطاقة النووية في خليط الطاقة، والنتيجة التي أريد أن أصل إليها في نهاية المطاف أننا لا يجب أن نركن أن الوضع الحالي لتميز وتفُوّق النفط في تغطيه الاستهلاك مستمر إلى ما لا نهاية وإنما لابد من الاستثمار حاليا في تنويع مصادر الطاقة وكذلك في تقنيات تزيد من استهلاك النفط في المستقبل بشكل نظيف.التطور الثاني هو اتساع آفاق ارتفاع المعروض من النفط الخام على المدى المتوسط، والبعيد، كبيرة سواء باحتساب النفط الصخري، أو دول كثيرة تعثر إنتاجها حاليا بسبب عوامل جيوسياسية ولديها احتياطيات نفطية كبيرة بكل المقاييس وتحتاج إلى خبرات الشركات العالمية والخدماتية لرفع الإنتاج، وقد بدأ تأثير هذا العامل من خلال تخفيف اعتماد بعض الدول مثل الولايات المتحدة الأميركية على الواردات وفرض توجه الفائض إلى أسواق قائمة، هذا الأمر يعني التنافس في الأسواق والتي انحسرت إلى الصين والهند وبعض أسواق الشرق بالإضافة إلى إفريقيا خصوصا من انخفاض الطلب في البلدان الصناعية منذ عام 2005، ولعل المحرك في تغير خارطة أسواق الطاقة هو استمرار أسعار النفط فوق المائة دولار للبرميل لسنوات يشجع الاستثمار في شتى المجالات وتطوير أنواع الطاقة، مع توفير فوائض مالية، وتوجهات العديد من البلدان الاستهلاكية هي في بناء مخزون استراتيجي نفطي، الاستثمار في قطاع التنقيب خارج البلد المستهلك لضمان تنويع مصادر الواردات من النفط الخام، وكذلك تنويع مصادر الطاقة لعدة أغراض واضحة.ولعل في الختام ينبغي التأكيد أن المحرك الرئيسي لذلك هو أمن الطاقة الذي هو المحرك للاقتصاد العالمي بالإضافة إلى التقدم في التكنولوجيا المستخدمة، والاستعانة بخبرات الشركات العالمية والخدماتية مستغلين أسعارا مناسبة، ولذلك فإن فتح آفاق المستقبل أيضاً يعني التعاون على مستوى دولي أوسع وتعزيز العلاقات مع الزبائن بشكل أوثق.