31 أكتوبر 2025
تسجيلفي العراق حيث تتجاور الخرافة والأسطورة وتتعايش الغيبيات مع الماديات في صراع لاينتهي، تدور أحداث ساخنة تؤشر على تطورات مستقبلية دموية غير سارة بالمرة وتعبر عن حجم الاختراق والتردي الذي تعيشه الساحة السياسية العراقية وهي تئن من ممارسات طبقة سياسية فاشلة أدمنت الخراب وتعايشت مع الفوضى وأنتجت المأساة، وحيث يتخبط العراقيون اليوم في أوحال أبشع أوضاع إنسانية وحياتية وعسكرية وتتقاذف وطنهم شظايا وارتدادات عنيفة لزلازل إقليمية ودولية، فمنذ أن تبلورت فتوى الجهاد الكفائي الذي أنتج ظاهرة الميليشيات الطائفية الرثة وأعطاها البعد الرسمي والشرعي لممارسة تعدياتها الصارخة والعراق ينتقل من حفرة دموية لكارثة إنسانية، فيما تزداد اتساعا مساحات المقابر في عموم العراق، فتحت غطاء الفتاوي الشرعية واللوذ تحت عباءات المرجعيات الدينية دخل العراق في نفق الحرب الأهلية الطائفية المعلنة بشكلها العدواني الفظ والصريح، وخسر الجيش العراقي هيبته ومكانته، وزرعت بذور الشحناء والبغضاء والحقد والعداء بين المكونات الشعبية العراقية ورسمت جدران الدم بين العراقيين، وتصاعدت دعوات الثأر والانتقام التي استغلها البعض لإشعال فتنة طائفية ومجازر لها أول وليس لها آخر، لقد كان واضحا منذ نهاية معركة تكريت بأن حالة السلم الأهلي في العراق قد أصابها شرخ كبير ولا يلتئم بسهولة بسبب ضعف السلطة المرعب، وتغول الميليشيات الطائفية بمرجعيتها الإيرانية الخارجة عن سياق المصالح الوطنية والمنفذة لأجندات طائفية ومصلحية وعملية ترسم في مصانع الحرس الثوري الإيراني وينفذها رجال وأعمدة المشروع الإيراني في العراق وأسماؤهم ومسمياتهم وهوياتهم باتت معروفة ومكشوفة للجميع، فقد كشف المستور وانتهت التقية وأعلنت جماعات (العصائب) و(الكتائب) و(سرايا الخراساني) و(فيلق بدر) عن ولائهم الصريح والتام والمعلن للمرشد الإيراني علي خامنئي، بل إن بعضهم مثل قائد سرايا الخراساني المدعو علي الياسري تفاخر بولائه للخامنئي، أما قيس الخزعلي قائد العصائب وهادي العامري قائد بدر فهما من أقطاب قيادة الحرس الثوري الإيراني في العراق!!... هؤلاء لاتهمهم المصالح الوطنية العراقية ولايهمهم الوفاق بين مكونات الشعب العراقي وليس في مصلحتهم أبدا قيام عملية سياسية حضارية متوازنة تعيد لملمة الصفوف!، بل أن كل ما يعنيهم تنفيذ دعاوي مظلوميات مزيفة والاتكاء على خرافات وغيبيات والدفاع حتى التفاني عن نجاح المشروع الإيراني في الشرق الذي يواجه اليوم انتكاسة ميدانية حقيقية بعد الصحوة التي انتجتها عملية (عاصفة الحزم) و الدور الخليجي الفاعل في إعادة رسم الخارطة الإقليمية بما يحفظ ويصحح التوازن الإقليمي! المفقود والذي كاد أن يعصف بالمنطقة نحو مشارف الكارثة العظمى. في العراق اليوم، ترسم سيناريوهات رعب عديدة حيث تتصارع المشاريع والرؤى والتصورات في ظل معارك طاحنة تدور في غرب العراق وتهدد بالتوسع والانتشار وصولا لبغداد وحتى لما هو أبعد منها وإزاء ذلك فإن الجماعات الإيرانية بالعراق قد باشرت فعلا بتنفيذ مخطط انقلابي من نوع جديد يتمثل ليس بانقلاب العسكر المعهود بل بعملية انقلاب وسيطرة على الأوضاع تقوم بها الميليشيات الطائفية الإيرانية الولاء على سلطة حكومة العبادي وحتى على البرلمان وتحت ذريعة حماية المذهب والطائفية تعلن قيام حكومة الولي الفقيه في العراق!!، وهو ما يعني تدخلا إيرانيا مباشرا عبر دخول قوات إيرانية لحماية الوضع الجديد ونشوء حالة شبيهة لحد ما بحالة الغزو العراقي للكويت عام 1990 مع تداعيات طائفية ستهز الشرق بأسره وما سوف يتبع ذلك من تقاتل طائفي وصولا لعملية تقسيم طائفية باتت ترسم خرائطها في الغرف السوداء وتهدد بتحويل العراق لقطعة من الجحيم رغم أنه يعيش اليوم في قلب البركان الإقليمي المتفجر، مهرجان الدم والأشلاء والدموع والكراهية ما زال هو المتحكم اليوم للأسف في الأوضاع العراقية مع ترقب أوضاع انقلابية سوداء هي أشد سوادا من قطع الليل المظلم.