11 سبتمبر 2025
تسجيليقول الاستاذ محمد قطب: "الطفل ليس صفحة بيضاء بغير خطوط هناك خطوط باهتة لم تتميز بعد ولكنها ستتميز لامحالة إما على صورتها الموروثة بغير تعديل اذا لم يحدث تغير معين في شأنها وإما على صورة معدلة اذا حدث تدخل مقصود".. في تلك الصفحة البيضاء ظاهريا الباهتة الخطوط في الحقيقة ترتسم الملامح الاولى للشخصية ويتوقف الكثير على طريقة التعامل الذي يتعامل به الابوان مع الطفل وكل انفعال يمر في نفس الطفل وكل تجربة يخوضها تجربة سرور ورضا او تجربة خوف او انزعاج او الم او قلق تحفر مكانها او تخط خطها في تلك الصفحة حتى يتكون فيها في النهاية خط بارز واضح نتيجة تراكم التجربة وتراكم الانفعال ومن هنا خطورة السنوات الاولى في حياة الطفل وان كانت لا تغلق الباب نهائيا امام فرص التعديل في اية مرحلة من مراحل العمر القادمة. إن الطفل تبدأ تربيته الحقيقة في الكيان الاجتماعي الأول وهو الأسرة ثم يتدرج في أساليب التربية عبر المؤسسات التربوية المختلفة ونجد تفاوتا واضحا بين تلك، كما يوجد العديد من أنواع التربويات التي يجب الاعتماد عليها في تربية أبنائنا الصغار ومنها. التربية البيئية وتعريفها هي عميلة إعداد الطفل للتفاعل الناجح مع بيئته بما تشمله من موارد مختلفة، ويتطلب هذا الإعداد إكسابه المعارف والمفاهيم البيئية التي تساعد على فهم العلاقات المتبادلة بين الإنسان وعناصر البيئة، كما تتطلب تنمية وتوجيه سلوكياته تجاه البيئة وإثارة ميوله واتجاهاته نحو صيانة البيئة والمحافظة عليها. وعرفت ايضا بأنها تلك العملية المنظمة لتكوين القيم والاتجاهات والمهارات اللازمة لفهم العلاقات المعقدة التي تربط الإنسان وحضارته بالبيئة. ولاتخاذ القرارات المناسبة المتصلة بنوعية البيئة وحل المشكلات القائمة والعمل على منع ظهور مشكلات بيئية جديدة بهذا التعريف أصبحت التربية البيئية تربية من أجل التنمية البيئية المستدامة، وامتد التعريف ليشمل البيئة الطبيعية والبيئة الاجتماعية والتقنية والاقتصادية والمعلوماتية، فالطفل يحتاج إلى تعلم كل ما يتعلق ببيئته، لأن حياته تتوقف على هذه البيئة وتعتمد عليها، ويمكن أن يتم هذا التعليم من خلال الأنشطة المتنوعة التي تساعد الطفل على فهم بيئته والكشف عما يحيط بها من ظواهر طبيعية أو من صنع الإنسان، والتعرف على مشكلاتها، وبناء الثقة في مقدرة الطفل على التفاعل البناء مع البيئة والتعاون على حل مشكلاتها فتدهور قاعدة الموارد البيئة بفعل الأنشطة التي يقوم بها كبار السن في العالم.. للأسرة دور كبير في توعية الأطفال وتعليمهم حسن التكيف مع الحياة بالأسلوب الأمثل والصحيح الذي يحقق جيلا يافعا واعيا يمتلك الشعور بالمسؤولية تجاه قضايا إقليمية مثل البيئة ومشاكلها القائمة. ويجب علينا الحركة نحو تنشيط بناء المناهج والبرامج للتعليم البيئي في كل المجالات، ولكل قطاعات المجتمع البشري، فالكثير من المناهج الدراسية اليوم تستوعب قضايا البيئة، في نسيج المواد الدراسية بالمراحل التعليمية المختلفة. ومن خلال التعليم البيئي المنظم، يمكن للأطفال أن يؤدوا دوراً فعالاً في حماية البيئة التي يعيشون فيها وتحسينها، عندما يدركون أدوارهم، ويشعرون بواجبهم تجاه البيئة التي يتعاملون معها، منزلا - مدرسة - حيا - حديقة - بستانا - محمية، وتكون مشاركته في النشاطات المتنوعة الصفية واللاصفية بدافع ذاتي وطوعي، يحثه في ذلك حبه لبيئته، ومعرفته بأهمية عناصرها بالنسبة إليه. الخلاصة: إن الإنسان مدعو الآن، أكثر من أي وقت مضى إلى إعادة النظر في كيفية تعامله مع البيئة، وإلى التخطيط السليم لاستغلال مواردها، وإلى الإمعان في العواقب المحتملة لاستغلال الموارد الطبيعية، استغلالاً غير علمي، كذلك دراسة الأخطار الناتجة عن المخلفات الصناعية ونواتج احتراق الوقود، والاستعمال المتزايد للمبيدات الكيميائية والملوثات الأخرى، كما أنه مدعو إلى التفكير في مصير المحيط الحيوي - أي طبقة الهواء والماء والطبقة السطحية من القشرة الأرضية - الذي تتركز فيه الحياة. وأخص المربين الذين هم مطالبون جميعاً اليوم، بوضع أسس تربوية ومناهج مدرسية للتعليم البيئي، تنمي في أطفالنا الوعي البيئي، وتغرس فيهم حب المحافظة على البيئة، خلال تعاملهم معها واستثمارهم لها، هذه البيئة التي كان يوجد فيها - في فترة ليست ببعيدة - الغزال بشكل وافر في بادية الشام، والنعام والمها في الجزيرة العربية، وأن التخطيط العلمي السليم مطلوب في بلادنا أكثر منه في البلدان الأخرى، نظراً لأن الموارد الطبيعية في بلادنا تعرضت لفترة طويلة من الاستغلال غير المنظم الذي نتج عنه تدمير الجزء الأعظم من الغابات والمراعي الطبيعية، وانقراض الكثير من الأنواع الحيوانية، أو انخفاض أعدادها انخفاضاً بالغاً. ملاحظة مهمة: تعد اتفاقية الامم المتحدة لعام 1989بشأن حقوق الطفل نقطة انطلاق مهمة بالمقارنة لمعظم الاتفاقيات السابقة عن حالة الطفل وتحاول هذه الاتفاقية التي كانت موضوع نقاش طوال 10سنوات ان تؤسس حقوق الطفل العالمية وغير القابلة للتصرف وتسلم الدول الاطراف في الاتفاقية "ان لكل طفل الحق الثابت في الحياة" ودعت الاتفاقية الدول الى "ان تؤمن بقاء الطفل ونمائه الى اقصى حد ممكن" كما تدعو الدول الى الاعتراف "بحق الطفل في التمتع بأعلى مستوى صحي يمكن تحقيقه" وتطلب من الدول باتخاذ تدابير مناسبة للتقليل من وفيات الرضع والاطفال ولمكافحة الامراض وسوء التغذية وذلك عن طريق جملة امور منها تطبيق التكنولوجيا المتاحة وتوفير اغذية ذات مواد غذائية كافية ومياه الشرب النظيفة، مع وضع اعتبار للأخطار التي يسببها التلوث البيئي.