11 سبتمبر 2025

تسجيل

دموع الحب ودموع الحرب والدمار

04 أبريل 2024

«رأى أمامه فضاء واسعا. لا طيور في السماء والأشجار كلها مخلوعة من جذورها ممددة فوق الأرض. لكنه كان يمشي وتزداد قوته. قابلته فتاة صغيرة. - من أنتِ أيتها الجميلة؟ - لا أعرف. ومن أنت أيها الجميل؟ - لا أعرف. هل تذكرين من أين أتيتِ؟ - لا. هل تذكر أنتَ؟ - لا. - وماذا سنفعل؟ ليس أمامنا إلا أن نعيش معا. - - أين وكيف؟ - نبني عشا من فروع الأشجار نعيش فيه، وننجب البشر من جديد. - هؤلاء الذين كانوا معنا من قبل؟ - ماذا يمكن أن نفعل غير ذلك؟ - يمكن أن تمضي في طريقك وأنا في طريقي، لا نريد قصصا للحب تكتبها الدموع» في أشهر الكورونا التي أرجو أن لا تعود، كانت عزلتي في البيت مثل غيري، فصرت أكتب نفحات من العزلة، وكان من بينها ما قدمت به المقال. ذكرني بها الفيسبوك منذ أيام فتأملتها وتساءلت. هل هي قصص الحب فقط كتبتها الدموع، أم هي قصص البشرية كلها بين حروب وموت ودمار؟ لم يبق من أعمال البشر غير الفنون والآداب والاختراعات العلمية. أي ما يفيد الروح والعقل، لكن ما يفيد الجسد من طمع أو الحكومات من شره، يمضي كله هباء. لن أذكركم بما فعلت الإمبراطوريات القديمة، ولا في العصر الحديث، من غزوات لم يبق منها مثل ما بقي من كتابات الإنسان عن الآلهة والعدل في الدنيا ويوم الحساب. تخيل أنت لو لم يكتب المصريون القدماء أو البابليون أو غيرهم، قصص الآلهة، ثم بعد ذلك حين جاءت ديانات التوحيد من السماء وكتبها البشر في أوراقهم، هل كنا سنعرف شيئا عن الأديان؟ كثيرون جدا ممكن كتبوا عن العدل في هذا من مفكرين وأدباء، تم قتلهم من الحكام الجائرين في الغرب والشرق سواء. فإذا ساد الظلم فاعرف أنه ليس من الأديان، لكن ممن يفسرونها من شيوخ السلطان الذين لم يخلُ منهم التاريخ في كل الأديان. الإنسان الذي دوَّن الأديان دوّنها بفطريتها إذا جاز التعبير، لكن ما جرى من تفسير واختلاف وصل لتبرير الظلم، هو من صنع الساسة والسياسة ومن يمشي في ركبهم. إذن ليست قصص الحب فقط تكتبها الدموع، لكنها قصة البشر الذين وهم يبحثون عن المدينة الفاضلة، ظهر من بينهم من يفسدها بأطماعه وقوته. لماذا إذن هاتفني الحب فقط مع الدموع ذلك اليوم؟ بقليل من التفكير أدركت اختلاف الدموع. في قصص الحب التي تنتهي بالفراق، تتجسد التراجيديا التي تجعل الشاعر يخاطب الأرض التي مشت عليها حبيبته، والمنازل الخاوية بعد غيابها، وتستطيع أن ترجع إلى قصص الحب العذري العربية لقيس وليلي وجميل وبثينة وعنتر وعبلة وغيرهم. أو قصص الحب في الغرب مثل قصة الفارس لانسيلوت فارس الملك آرثر في بريطانيا، وقصة حبه لجوينيفر زوجة الملك وغيرها كثير. هل كنت حين كتبت ذلك بعيدا عما يحث حولي في العالم. لم يحدث يوما. عشت أعرف واستقر في روحي أن طريق البشرية لن ينتهي من سوءاته، لكن أبشع الجرائم تمضي هباء مهما كلفتنا من دموع، بل تذهب بها الدموع وهنا الاختلاف. قصص الحب وحدها تملأ الفضاء مهما مر بها من آلام، ولو تزوج الرجل الذي قابل الفتاة وحدهما كما كتبت في عزلتي وأنجبا بشرا، سيعود التاريخ بوجهيه. الجشع من ناحية والحب من ناحية. سيدفع المجرمون ثمن جشعهم، وتذهب الدموع بالجرائم، ويبقي المحبون على قمة الحكايات يبنون بدموعهم ماتهدم من بيوت وحدائق، ويعيدون أجمل الذكريات.