16 سبتمبر 2025

تسجيل

أحلام التغيير في العراق.. كوابيس ثقيلة؟

04 أبريل 2016

وسط حقول الألغام العراقية، ومن عمق حالة الاحتقان الدائم التي تميز الوضع السياسي والعسكري والأمني العراقي، وفي خضم حالة التشابك للملفات الإقليمية وتزاحم السيناريوهات المتسارعة، لا تزال العملية السياسية الكسيحة في العراق تناور في محورها! ولا يزال التغيير العراقي المنشود بعيد المنال والمآل في بلد ضيع قادته من إمكاناته ومقدراته الشيء الكثير، فبعد انجلاء غبار التشابك بين التيار الصدري وحكومة العبادي التي يشكل ذلك التيار جزءا مركزيا من تكوينها، وبعد الانسحاب المسرحي لمقتدى الصدر من خيمة اعتصامه في المنطقة البغدادية الخضراء، أعلن العبادي عن مشروع تغييري للحكومة طارحا أسماء ومرشحين لبعض الوزارات دون المساس بحقيبتي الداخلية والدفاع! وكان التطور اللافت للنظر يتمثل في ترشيح الشريف علي بن الحسين الهاشمي راعي الحركة الملكية الدستورية، والطامح بإعادة الحكم الملكي إلى العراق الذي أسقطته دبابات العسكر في انقلاب 14 يوليو الدموي عام 1958 لحقيبة وزارة الخارجية خلفا لإبراهيم الجعفري الذي فشل فشلا ذريعا في تسويق العراق خارجيا وأظهر عجزا كارثيا في إدارة شؤون وزارة إستراتيجية لم يستطع أبدًا الارتقاء لمستواها، ومن خلال متابعة الخطوات التغييرية للعبادي تتضح محدودية التغيير، وعدم القدرة على تجاوز حالة الفشل والتكسيح الشامل في إدارة الدولة، التحالف الطائفي العراقي يعاني من انقسامات ذات جذور قديمة بسبب عوامل المنافسة والصراعات بين أطراف التحالف الواحد خصوصا تيار نوري المالكي الذي يهمه كثيرا استمرار الفشل السلطوي من أجل تأمين حلم العودة للسيطرة على محاور السلطة، وقد جاءت حركة مقتدى الصدر وتفعيل الاعتصامات الجماهيرية لتياره لتشعل نار الصراع المحتدم، وحيث هدد أطراف من التحالف -ومنهم قيادة حزب الدعوة/ تنظيم العراق- جماعة الصدر بعواقب وخيمة تصل إلى درجة التشابك الدموي، وبما يمزق البيت الطائفي ويخلط كل الأوراق، ويؤسس لصراعات داخلية إن بدأت فلن تتوقف بسهولة، ويبدو أن انسحاب مقتدى الصدر من الاعتصام وتقويض خيمته بطريقة سريعة ومفاجئة قد نزع الفتيل عن انفجار محتمل كان سيؤدي إلى نتائج دموية بدلالات واضحة ومؤثرة! التشكيلة الحكومية الناقصة التي أعلنها العبادي وقدمها للبرلمان لم تضم تغيير وزيري الدفاع والداخلية، واللذين أثيرت حول أدائهما علامات استفهام عديدة، ويبدو أن الداخلية وهي التي يقودها (حركة بدر) وثيقة الصلة بالنظام الإيراني، تشكل حلقة صعبة في مسلسل التغيير لكونها تخضع لمواصفات لابد أن تشمل جوانب لها علاقة بهوية وأيديولوجية السلطة، أي أن التأثير الإيراني والتنسيق مع مؤسسات النظام الإيراني الأمنية والعسكرية لابد من أن تكون حاضرة، فقيادة وزارة الداخلية هي نفسها قيادة الحشد الشعبي التي تخوض المعارك ضد تنظيم الدولة وبقية الجماعات المسلحة الأخرى، والسيطرة على وزارة الداخلية لا يمكن أن تتم من خلال وزير تكنوقراطي، بل من خلال وزير أيديولوجي ينتمي وقريب من جماعات الحشد والحرس الثوري أيضا، وكان من أكثر المرشحين كفاءة للوزارة هو الفريق توفيق الياسري الذي ورد اسمه كثيرا في الكواليس دون التمكن من عبور تحفظات كبرى عليه من أطراف طائفية، واليوم تبدو مؤشرات الصراع على وزارة الداخلية واضحة وقوية، لذلك تم تأجيل حسم مصيرها بذريعة الانشغال في إدارة المعارك مع تنظيم الدولة! ورغم انفلات الأوضاع الأمنية واستمرار مسلسل التفجيرات المتنقلة في بغداد وخارج أسوار المنطقة الخضراء! التغيير في العراق صعب المنال، بل إنه مهمة مستحيلة وسط مسلسل الفضائح والرشاوى المتراكمة والتي كان آخرها فضيحة رشاوى الشركة الإيرانية في موناكو لقيادات كبيرة في وزارة النفط! وهي القضية التي ستتفاعل حتما خلال الأيام القادمة، التغيير في العراق مجرد إضاعة وقت لإعادة تسويق الأزمة للأسف فقط لا غير.