16 نوفمبر 2025

تسجيل

إماطة اللثام عن حزب الله

04 مارس 2016

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); شكل قرار دول مجلس التعاون الخليجي ووزراء داخلية الدول العربية بشأن اعتبار حزب الله منظمة إرهابية استفاقة، وإن كانت متأخرة إلا أنها في الاتجاه الصحيح. فلم يعد يخفى على أحد أن حزب الله اختطف الدولة اللبنانية لصالح توجهات إيران الإقليمية التي يراها العرب بأنها تزعزع استقرار المنطقة. وبدى واضحا في الآونة الأخيرة أن زعيم الحزب حسن نصر الله يتحرك امتثالا لمطالب إيران، وهو بهذا المعنى لا يقيم وزنا لسياسة النأي بالنفس التي من المفروض أنها تمثل الموقف الرسمي لدولة لبنان، وما خطابه الأخير الذي استهدف به دول الخليج العربي إلا دليلا واضحا لانحراف الحزب عن بوصلة المقاومة التي استخدمها كسحابة دخان للتغطية على تبعيته المطلقة لإيران. طبعا لن يعجب هذا القرار إيران ولا عملاؤها في المنطقة الذين سيستمروا في ممارسة شتى أنواع الخداع والتضليل، فالحوثيون مثلا هاجموا القرار على اعتبار أنه في صالح إسرائيل! هنا طبعا يتم استحضار إسرائيل وكأن حزب الله يحاصر تل أبيب وليس الشعب السوري! وهنا تحضرنا مقولة هامة لمالكوم كير قال فيها إن إسرائيل لو لم تكن موجودة لتم اختراعها لتبرير الانتكاسات والإخفاقات وللتضليل أيضا، بيد أن الرأي العام العربي يتمتع بوعي كبير، فالقرار الخليجي والعربي يعكس تغييرا في مزاج الرأي العام العربي الذي تفيد الغالبية الساحقة فيه بأن حزب الله هو تنظيم إرهابي.لن تجدي نفعا كل الحملات الإعلامية التي تحاول أن تصور أن القرار يعبر عن تسرع سعودي، فالأزمة السورية أماطت اللثام عن الوجه الحقيقي لحزب الله، والنخب الحاكمة في السعودية وغيرها من دول عربية توصلت إلى نتيجة تقول إن دور الحزب انحرف عما كان هو مقبول في السابق. وبالنسبة لكثير من المراقبين لا يبرر للحزب ولا لنظام بشار حتى لو حررا الجولان المحتلة ما يقومان به من ترهيب للشعب السوري، فيكفي للمراقب الحصيف أن ينظر إلى أعمال نظام بشار بمساعدة كل المليشيات بما فيها حزب الله ليصل إلى نتيجة مفادها أن ما يقوم به الحزب والنظام من تطهير طائفي في سوريا يعكس إستراتيجية إيرانية تستند إلى الفرز الطائفي البغيض.بالمحصلة النهائية، هناك إيران التي تريد أن تفوز بما يسمى بـ "سوريا المفيدة"، والحزب والنظام السوري هما أداتان لتذليل العقبات التي تقف أمام الهدف الإيراني إذ أن مصلحة إيران ليس في مصالحة سياسية سورية وتوافق وطني سوري، وإنما في دويلة تكون مع حزب الله قاعدة متقدمة لها لمضاعفة تأثيرها التي توظفه وفقا لمصالحها. وهنا تقع على عاتق الدول العربية الرئيسية في الإقليم الانتصار لفكرة سوريا الموحدة وهو أمر لا يتناسب مع مصالح إيران التي تتطابق إلى حد كبير مع أراء غربية تنادي بتفتيت الدول العربية للسيطرة عليها ولتحويل إسرائيل القوة المهيمنة التي لا يمكن لأحد في المنطقة أن يتحداها.واللافت أن القرار العربي يلاقي استحسانا عند بعض القوى السياسية الرئيسية في لبنان، فالسيد سعد الحريري زعيم كتلة المستقبل عبر عن تفهمه للموقف العربي وألقى باللوم على حزب الله الذي يتدخل في سوريا بشكل يؤذي مصالح الدولة اللبنانية. وما تفهم تيار عريض من اللبنانيين للقرار العربي ومن قبله لقرار تعليق المساعدات عن لبنان إلا مؤشر على أن ما يقوم به الحزب لا يخرج عن سياق اختطاف الحزب وعن تنمر واستقواء لخدمة إيران وليس لخدمة الشعب اللبناني. صحيح أن الحزب هو أقوى من غيره من القوى السياسية بسبب ترسانته العسكرية لكن أيام صعبة مقبلة تنتظر الحزب الذي عليه أن يبرهن على وطنيته بدلا من تبعيته.وبالطبع هناك من يرى بأن مجابهة الحزب بهذا القرار كان يجب أن تحدث في وقت سابق، ومع ذلك يمكن القول بأن الثمن على السكوت على أعمال الحزب في سوريا وإثارة الفتن في الخليج كان سيكون باهظا لو لم تتحرك السعودية الآن، وبهذا الصورة التي لا تقبل القسمة على اثنين. فبعد أن بدى لافتا للجميع انكفاء مصر (لأن السيسي يعرف مصلحة مصر ببقاء نظامه وليس بممارستها دور إيجابي يناسب ثقلها الإقليمي) كان يتعين على السعودية ودول الخليج أن تعلب دور القائد، وبخاصة بعد أن وصل السيل الزبي.هناك من بين الكتاب المحسوبين على إيران من يحذر من غياب شبكة الآمان الإقليمية لضمان عدم اقتتال اللبنانيين، وهذا الكلام صحيح لكن ما يجرى هو أن شبكة الآمان هذه لم تمنع الحزب من اختطاف الدولة لصالح المقاربة الإيرانية السلبية. وعلى عاتق اللبنانيين أنفسهم تقع مهمة استعادة الدولة لتكون لكافة اللبنانيين ولتترجم شعارات سياسة النأي بالنفس على أرض الواقع.