10 أكتوبر 2025

تسجيل

دعه يعمل دعه يمر

04 فبراير 2020

سأتوقف طويلا عند ما قاله الملياردير الأمريكي وارين بفِت لشبكة سي ان بي سي الامريكية، لأنني أحب فيه تواضعه وبعده عن "الفشخرة والمنظرة"، رغم ملياراته المتلتلة، فالرجل ثاني أغنى أغنياء العالم، ومع هذا لم يبدل منزله المكون من 3 غرف طوال خمسين سنة، وأحبه لأنه قدم عشرات المليارات من الدولارات دفعة واحدة لمكافحة الفقر والمرض في مختلف أنحاء العالم. تابعوا معي ما قاله ثم قارنوا بينه وبين زيد الذي انتقل الى وظيفة جديدة فارتفع راتبه الشهري من خمسة آلاف الى عشرة آلاف فارتفع أنفه بوصتين، حتى ظهر من فتحتيه شعر مقرف ومقزز وبينه وبين عبيد الذي صار غنيا (لا ندري كيف)، وقاطع أصدقاءه القدامى وتحول الى شلاخ وخراط لا حديث له إلا عن شرب القهوة مع الوزير الفلاني وكيف ومتى تناول مدير مصرف "فاشوش ماكنتوش بانك" الغداء في بيته، حيث ظل (المدير) يحاول إقناعه بالحصول على قرض "ولكنني قلت له: شغلي كله بالكاش"؛ ولا يعرف المسكين ان الشغل بالكاش هو سلاح الغلابة الذين لا تثق بهم البنوك وارين بفت يملك شركة باركشاير هاثاواي التي تعمل تحت مظلتها 63 شركة أخرى، توظف مئات الآلاف من البشر، من بينهم نحو ثلاثة آلاف بمسمى مدير تنفيذي، ولكن بفت لا يصدر لشركاته سوى مذكرة واحدة في السنة يحدد فيها السياسات الاستراتيجية، وبعدها كل واحد يشوف شغله؛ وقد يمر عام كامل دون أن يجري اتصالا هاتفيا ببعض المديرين العاملين تحت إمرته، بعكس جماعتنا الذين يمطرون مرؤوسيهم بالمكالمات الهاتفية، خاصة في حضور ضيوف، ليعطي الواحد منهم الانطباع بأنه الآمر الناهي (هذه قصة واقعية: كان هناك رجل جهلول يملك صحيفة يومية وكان يجلس ذات يوم وسط مئات الخلق في مناسبة عامة عندما اتصل في نحو العاشرة مساء بالمحرر المناوب وطلب منه ان يأتي إليه حاملا الماكيت الذي هو التصميم شبه النهائي للصفحات، وأتاه الصحفي حاملا لفافة ضخمة من الأوراق، فقلبها صاحبنا ثم سأل المحرر عن العنوان الرئيسي في الصفحة الأولى فأجابه بأن تداعيات الأحداث استوجبت وضع مانشيتين أحدهما عن لبنان والآخر عن أفغانستان، وليثبت الرجل أنه فاهم اللعبة وشارب الصنعة قال للمحرر: شيل العنوانين وحط محلهم مانشيت واحد بعرض الصفحة "الجهاد في سبيل الله".. وعاد المحرر إلى الصحيفة ولم يغير العنوانين أي تجاهل كلام الجهلول، لأنه لم يكن في كامل الصحيفة سطر واحد عن الجهاد في سبيل الله، ولم يعرضه ذلك لسوء، لأن صاحب الجريدة لم يكن يقرأها) المهم، تمنيت لو كنت موظفا لدى بفت وتحت إشرافه المباشر لأنه مثلي يكره الاجتماعات؛ عندنا يحسب المدير أن كثرة الاجتماعات دليل على الحيوية المهنية، وشخصيا شاركت في آلاف الاجتماعات ولا أتذكر أن أيا منها اقتصر على الموضوع المطروح في الأجندة. مثلا يكون مقررا مناقشة التعيينات الجديدة المعتمدة في الميزانية، وعلى الفور يقول أحدهم: الصح أننا نقوم بتفنيشات: بالله عليكم وش فايدة وجود هردبيس التعيس معنا؟ فيأخذ الحديث منحى آخر: حرام عليك يا رجل.. هردبيس عنده ثلاث زوجات وأبوه توفى من شهرين وترك له كوم عيال!!.. والله ما عندي خبر وفاة والده.. تكون صادته جلطة بسبب البورصة!.. بالمناسبة اليوم أكيد أسهم شركات القطران والرمل تطير وتخرم سقف السوق.. عندي معلومات مؤكدة من مصدر موثوق به.. ويرد آخر بأن أحوال البورصة صارت مثل أخبار البارسا، فيتساءل آخر: وش هي البارسا؟ وما أن يعرف أن الكلمة هي اسم الدلع لنادي برشلونة لكرة القدم، حتى تستعر المعركة، لأن هناك من يرفض أي طعن في "شرف" برشلونة، وبعد ملاسنة صاخبة ينتهي الاجتماع بالدعوة إلى اجتماع آخر للنظر في التعيينات الجديدة، وتنتهي المساحة المخصصة لمقالي هذا دون أن أتحدث باستفاضة عن وارين بفت! [email protected]