13 سبتمبر 2025

تسجيل

غيس!

04 فبراير 2016

حينما يقام الأذان في بلاد المسلمين فهذا شيء طبيعي لأن العكس هو الشيء الذي يمكن أن نستغرب له لكن حينما نسمع الأذان يصدح من على رؤوس الكنائس في بلاد منعت المآذن من أن تزين المساجد خشية أن تشوه المنظر العام لها وتسحب عقول الشعب للتفكر بقيمة هذه المآذن للمسلمين فماذا يمكن أن نقول حينها؟!.. هذا ما فعله مواطن سويسري يدعى (غيس) دأب منذ عام 2007 على الدفاع عن حقوق المسلمين في إقامة شعائرهم الدينية كاملة وبناء المآذن للمساجد كما هي العادة في إنشائها، فكان يتسلق أعلى الكنائس ويضع مكبرات صوت ذات ترددات عالية وعوضاً عن سماع الأجراس وتراتيل المصلين المسيحيين ينطلق صوت (الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمداً رسول الله حي على الصلاة حي على الفلاح الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله) يعم المكان والساحات وتشرئب الأعناق إلى أعلى الكنائس وعيونها تملأها الدهشة من أين ينطلق صوت الحق وكيف تحول صوت الأجراس إلى شهادة بأن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله؟!.. (كفو والله)!.. لعل هذه هي الكلمة التي عبرت بها فور رؤيتي للفيلم الذي وثق (غيس) خطواته الجريئة به وكأنه يقول للمسلمين الذين استكانوا لقرار الحكومة السويسرية بمنع بناء المآذن على قمم المساجد إنه أشد إسلاماً منهم وأشد غيرة منهم وأشد جرأة منهم وإن الذي يجري في عروقه دم لا يخالطه نفاق ولا ضعف!.. ألا نستحي ولو قليلاً؟!.. هناك من يدافع عن ديننا وهو من غير ملتنا بينما نحن لانزال نقدم رجلاً ونؤخر أخرى للدفاع عن نقطة واحدة من محيط حقوقنا الإسلامية المسلوبة في بلاد الغرب!.. لماذا يفعل غيس كل ذلك بينما لا نرى مسلماً يوحد الله يعترض على قرار هاج العالم الإسلامي والعربي عند إصداره آنذاك ويستمر في هذا الاعتراض حتى ولو كان شكلياً، فإسلامنا بأكمله صار شكلياً تغلبه المصالح والرغبات الشخصية وقوانين الهجرة والإقامة التي تقف حائلاً أمام الدفاع عن دين يمثل تطبعاً في هذه الأيام وليس طبعاً يولد مع الأذان الذي ينفثه والده في أذنه حين ولادته؟!.. فوالله ما وجدت أشجع من هذا الإنسان الذي يجد في قرار حكومته ظلماً يقع على المسلمين وعادلاً في حقه وحق غيره من المسيحيين ومع هذا فهو يدافع عن حقنا في أن نعلي كلمة الله ومن فوق رؤوس الكنائس وليس المساجد حتى!.. هل يعقل؟!.. فلازلت غير مصدقة أن غيرنا يملك دماء حرة تجعل منه محامياً لقضايا نحن أولى في الدفاع عنها والذود عن معتقداتنا فيها!..لماذا يشكل لنا إسلامنا ديناً نتعلق بتلابيبه لمجرد أن يكون لنا دين يحدد هويتنا ولكنه بالتأكيد لا يحدد معاملاتنا وقيمنا وأخلاقنا التي تأخذ من الأديان الأخرى شرعاً لها ومنهجاً؟!.. لماذا لم يعد لديننا أي روح أو طعم أو نكهة في نفوسنا الغارقة حتى النخاع في بحر الغرب وقيمه المتناقضة مع قيم إسلامنا العظيم؟!..هل أصبح الإسلام موضة؟!.. شكلاً ينتهي بانتهاء الحاجة إليه؟..هل فعلاً لم نعد في حاجة لأن ندين بالإسلام وماذا أصبح الإسلام الآن؟!..دعوه استفتاء أطرحه بينكم وليجيبني أحدكم.. ما هو الإسلام في هذا القرن وما مدى حاجتنا له وسط الزحف الغربي في قيمنا وعاداتنا ومعاملاتنا التي أصبحت ركائز حياتنا فيها تقوم على الأشهر الميلادية وكأن الهجرية لا تعد في عالمنا الإسلامي والعربي شهوراً كل شهر بثلاثين يوماً؟!.. ماذا تمثل كلمة أنا مسلمة وأنت مسلم وهذا مسلم وآخر مسلم؟!.. ماهو شكل إسلامنا الآن إنْ كان الذين لا يشاركونا الدين نفسه يدافعون عنا بينما نحن نجري وراء لقمة العيش ونكتفي بتغيير المنكر في القلب هذا في حال امتلاكنا قلوباً من الأساس؟!.. لماذا نأخذ من الإسلام أبسط القواعد التي لا تناسب حجم الحرب التي يتعرض لها ديننا بإنكارنا لها من باب من رأى منكراً فليغيره بقلبه وهذا أضعف الإيمان ـ مع إسقاط ما توسط من الحديث؟!.. فهذا للأسف ما بتنا نأخذه منهجاً بيننا، وابعد بعيدا عن الشر وغني له، حتى أطفالنا أصبحوا يأخذون من إسلامنا صلاتنا المكتوبة وصيامنا الذي لا روح فيه وغير ذلك فأعطوني من يمثل الإسلام بكل روحانيته وصدقه وقيمه وغيرته وخذوا ما تشاؤون!..لله درك يا (غيس) تدافع عن أصنام تأخذ في أشكالها صفات البشر لكنها وأراهنك بأنها تماثيل تبحث عن شيء يسد رمقها بلقمة سائغة ويشبع فرجها بلذة فارغة وما غير ذلك فصدقني يا غيس ستذهب جهودك هباءً منثوراً فما تحطه الرحال تـُذهبه الرياح ولذا كانت الرياح من أهم عوامل التعرية!فاصلة أخيرة:في بقعة منسية.. خلف بلاد الغال..قال لي الحمّال: من أين أنت ياسيدي؟أوشكت أن أكشف عن عروبتي لكني قررت أن أحتالْ!قلتُ بلا تردد: أنا من الأدغالْ!حدق بي منذهلا وصاح بانفعال:حقاً من الأدغال؟!.. فقلت: نعم!فقال لي:من عرب الشمال..أم.. من عرب الجنوب؟!أحمد مطر