16 ديسمبر 2025
تسجيلفي واقع عراقي مر وفي ظل ظروف تشاحنات داخلية عويصة وانسداد تام لأفق أي إصلاحات ومبادرات تتجاوز الواقع المر الراهن ثمة أمور عديدة تجري في السر والعلن وسباق فظيع يجري بين الحرب والدبلوماسية والاتصالات السرية من أجل تغيير بعض الوقائع الميدانية، والحروب الميدانية الطاحنة الجارية في العراق حاليا والتي أنتجت للأسف تصفيات طائفية مريعة كما فعل تنظيم فيلق (بدر) بقيادة هادي العامري من مجزرة مروعة في قرية بروانة السنية والتي ذهب ضحيتها أكثر من 78 مواطنا عراقيا بريئا قتلوا بدم بارد قد أسست لواقع صراع بائس بات العراقيون يعيشون تحت نيرانه الحارقة، فالدولة العراقية قد تراجع أداؤها لدرجة مريعة بعد حالة الانهيار العسكري والأمني ثم الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي زادت من ارتباك الدولة في تسيير شؤونها اليومية لدرجة أن الجيش العراقي نفسه لم يستلم عناصره رواتبهم منذ ثلاثة شهور ويزيد!!، كما أن خطط البناء وكافة المشاريع الخدمية قد تعطلت وذهبت مع رياح الإفلاس التي باتت تؤشر على واقع مر ومستقبل بائس، فالميزانية الرسمية للدولة والتي أقرها البرلمان بسرعة خيالية، هي في حقيقتها ميزانية وهمية لكونها وضعت افتراضيا وليس واقعيا!! وفي ظل هرجلة إدارية وفشل حكومي غير مسبوق في ظل تشاحنات وصراعات وخلافات ليس بين المكونات العراقية المختلفة فقط، بل بين المكون الواحد أيضا، كما حصل في انفجار الأوضاع والصراعات بين أحزاب السلطة وميليشياتها المسلحة التي أشعلت وسط بغداد والتي تهدد بالتوسع لتشمل بقية أجزاء العراق، وليس سرا أن انتشار السلاح وتعدد المرجعيات المسلحة وتراجع أداء الدولة وحالة المواجهة الميدانية مع التنظيمات المسلحة، قد أدت بمجموعها الكلي لعسكرة كاملة للمجتمع العراقي الذي يعيش منذ ثمانينيات القرن الماضي أجواء الحرب وطقوسها وأخلاقها حتى نشأت أجيال عراقية لا تعرف معنى للحياة بعيدا عن فوهة البندقية!، كما أن حالة الانقسام الطائفي التي تكرست وتعززت مع الاحتلال الأمريكي وانهيار الدولة العراقية قد رسمت خطوطا دموية حمراء على الرمال العراقية الملتهبة، العراق اليوم يعيش صراعا حادا مع الزمن من أجل تصحيح الأوضاع الخاطئة والمقلوبة التي شكلت الصورة الأساسية للمرحلة الأخيرة من حكم نوري المالكي الذي ترك البلاد والعباد في أسوأ وضع يمكن أن يعيشه أي بلد في العالم، فخروج أجزاء واسعة من شمال العراق عن سيطرة الدولة المركزية وتمكن تنظيم الدولة (داعش) من التمدد والهيمنة على محافظات صلاح الدين والموصل قد فرض تحديات شرسة على حكومة حيدر العبادي التي تجد نفسها ملزمة بإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل العاشر من يونيو من العام الماضي عبر الإسراع في تحرير الموصل وطرد داعش وبين عدم تمكنها من تحقيق ذلك الهدف لنقص الإمكانات أولا ولعدم توفر الإرادة السياسية ثانيا، فليس سرا أن هنالك محاولات حثيثة تجري من بعض الأطراف العراقية لمحاولة إقناع داعش بالانسحاب من الموصل مقابل فدية مالية وصلت لعدة مليارات من الدولارات!! وأن المفاوضات جارية بهذا الاتجاه!!، خصوصا وأن التحالف الغربي نفسه يؤكد أنه ليس في الأفق حل عسكري سريع وأن الحرب قد تستغرق أكثر من خمسة أعوام للقضاء على داعش!!، وهو سقف زمني لم تعد حكومة العراق تستطيع احتماله بسبب الأزمة الاقتصادية أولا وتعقيدات الوضع الميداني ثانيا التي تسببت باندلاع حساسيات طائفية ونيران فتنة داخلية متوقدة وتهدد بحريق عراقي شامل قد تكون له امتداداته الإقليمية!، فالميليشيات الطائفية قد توحشت وتغولت ومقترح إعادة تنظيمها تحت تسمية (الحرس الوطني) سيعني تأسيس جيش موازٍ للجيش الحكومي ولكن بصبغة طائفية صرفة وخطيرة!!، فقد بدأت تتردد بوضوح صيحات الثأر والانتقام الطائفي بعد المجازر المتنقلة؟ وصفحات الحرب الدائرة في الأنبار حاليا توفر معطيات مريعة عن صورة التقاتل الداخلي العراقي والمعركة في الموصل إن اندلعت فلن تكون سهلة أبدا وهذا ما يدركه قادة التحالف الدولي؟ فهل سيكون المال بديلا عن السلاح والدماء؟ وهل ستتمكن الأطراف العراقية المتفاوضة حاليا من تحرير الموصل عن طريق الفدية المالية وبعد معارك صورية يتبعها انسحاب منظم!!. كل الخيارات والسيناريوهات ممكنة في سيناريو الرعب والدم العراقي الذي تجاوز كل التوقعات.