11 سبتمبر 2025

تسجيل

اعتدال معدل تنامي النفط الخام

04 فبراير 2015

تراجعت أسعار النفط الخام منذ نهاية شهر يونيو 2014، بسبب دواعي اقتصاد مع اختلال ميزان الطلب والعرض، وارتفاع الفائض النفطي، خصوصا من خارج أوبك، وذلك باعتبار أن إجمالي إنتاج الأوبك لم يرتفع، بل ظل المتوسط خلال عام 2014 عند 30 مليون برميل يومياً، أي أن المشكلة الحقيقية أن معدل تنامي الطلب العالمي على النفط لم يعد يكفي لاستيعاب الزيادة في المعروض حاليا وفي المستقبل ومعروف أن الصناعة تحتاج إلى استقرار الأسواق والأسعار، رغم أن هبوط أسعار النفط إلى مستويات دون 50 دولارا للبرميل قد يكون في صالح البلدان المستهلكة بصفة العموم ولكن استمرار ضعف الأسعار لفترة طويلة، بلا شك لن يكون في صالح الاستثمار في تطوير إنتاج جديد من إمدادات النفط تحتاجه الأسواق في المستقبل، أو الاستثمار في تطوير مصادر الطاقة الأخرى، وهو ما جاء على لسان الكثير من أهل الصناعة من المخاوف، بأن تأثر قرارات الاستثمار في قطاع الاستكشاف والتنقيب والإنتاج للشركات النفطية وسط تراجع أسعار النفط، قد يؤثر سلباً على المعروض الجديد من النفط في المستقبل.ومع بدء تأثر خطط الاستثمار في الإنتاج من النفط الصخري وهبوط في عدد منصات وأبراج الحفر، بدأ الحديث يتحول إلى أن تعافي أسعار النفط بات قريبا جداً، وتوقعات أخرى حول أن أسعار النفط الأمريكي سترتفع وتصل إلى متوسط ما بين 70 – 80 دولارا للبرميل مع نهاية عام 2015، وهو ما يعادل سعر نفط خام برنت حالياً تقريباً، وهو ما جعل بعض البيوت الاستشارية تقوم بتعديل توقعاتها من مستويات الزيادة في إنتاج النفط في الولايات المتحدة الأمريكية لتكون الزيادة 1.2 مليون برميل يومياً في عام 2014، 1 مليون برميل يوميا في عام 2015، ثم فقط 300 ألف برميل يوميا خلال عام 2016، والبعض قام بتخفيض أكبر، وجاءت تصريحات العديد من المسؤولين بدأها معالي وزير النفط العراقي عادل عبد المهدي بأن الأسعار ربما قد وصلت القاع، بالإضافة إلى تصريحات شبيهة صدرت عن السكرتير العام للأوبك، وكذلك الأمين العام لوكالة الطاقة الدولية واستجابت السوق النفط لهذا التحول الإيجابي، وشهدت أسعار النفط خلال الأيام السابقة ثباتا وتحسنا في مستويات الأسعار جعل البعض يقول إن مسار الهبوط قد توقف وبدأت مرحلة التعافي.ولكن الحقيقة أن اختلال السوق مازال موجوداً، رغم انطباعات تأثر تنامي النفط الصخري في المستقبل، مازلنا بانتظار مؤشرات تنامي في الطلب العالمي على النفط وإقبال على بناء المخزون بشكل يسهم في إعادة التوازن ولو بشيء طفيف، وأعتقد شخصيا أن أسعار النفط لم تبدأ مرحلة التعافي وأنها في مرحلة التذبذب بانتظار مؤشرات السوق والتي ربما تتوفر مع نهاية شهر مارس 2015.كما أن التحدي الذي يواجه السوق النفطية هو اعتدال معدل تنامي الطلب العالمي على النفط مع انكماش أسواق بعينها، وتباطؤ في وتيرة تنامي الأسواق الواعدة، وحسب أرقام سكرتارية الأوبك فإن معدل تنامي الطلب العالمي على النفط خلال السنوات 2000 – 2005 على أساس سنوي كان 1.5 مليون برميل يومياً، ثم انخفض مع الأزمة المالية والركود الاقتصادي ليصل خلال السنوات 2005 – 2010 عند 640 ألف برميل يومياً، ولكن ورغم التعافي إلا أنه يبدو أن ارتفاع أسعار النفط خلال السنوات 2010 – 2015 في الغالب عن المائة دولار للبرميل جعل الزيادة تكون في حدود 1 مليون برميل يوميا فقط، وهو أمر يثير مخاوف في السوق من أن الطلب العالمي سينمو بشكل محدود قريبا من بلوغ الذروة، ولذلك فإن المخاوف تدور حول بقاء حالة ارتفاع المعروض خلال السنوات الخمس القادمة وبقاء الطلب على نفط الأوبك دون 30 مليون برميل يوميا وهو ما يعني ضعف أسعار النفط الخام وهو ما جعل المراقبين يتوقعون أن سعر التعادل بعد مرحلة التعافي سيكون ما بين 75 – 85 دولارا للبرميل، دون المائة دولار للبرميل، وهو واقع جديد يجب التعامل معه من قبل البلدان المنتجة للنفط وتشجيع تنويع مصادر الاقتصاد، ويبدو أن الاتحاد الأوروبي مستعد للإسهام في مساعدة بلدان الخليج العربي في تنويع مصادر اقتصادها وتطوير آفاق الاستدامة والتخفيف من الاعتماد على النفط الخام وفق إطار مفهوم التكيف Adaptation والتخفيف Mitigation من الانبعاثات ضمن الجهود والإسهامات الدولية التي تسبق اتفاق باريس في ديسمبر 2015 حول الاتفاقية الإطارية لتغير المناخ.