15 سبتمبر 2025
تسجيلإلى حين انتهاء العمليات العسكرية المتبادلة بين النظام السوري والمعارضة ستكون الحصيلة النهائية دمارا شاملا لسوريا، وذلك من ضمن إستراتيجية الرئيس بشار الأسد الذي قد ينتهي به الحال مطاردا فيما يتبقى من أزقة بالعاصمة دمشق إن لم يهرب في اللحظات الأخيرة. مسار الحرب الحالية ليس في صالح الرئيس ونظامه، ومهما طال الزمن فمن المؤكد أنه سينتهي به خارج السلطة حيا أو ميتا، ولكن كيف تستعيد سوريا حالتها الطبيعية سياسيا واجتماعيا واقتصاديا عقب إزاحة النظام الحالي؟ تتعدد السيناريوهات ولكن هناك تكلفة غالية وثمنا باهظا ستدفعه سوريا وشعبها بعد استيعاب صدمة المشهد التخريبي الحالي. ذلك أمر ينبغي دراسته وبحثه قبل أن تصمت المدافع ويتوقف الرصاص، فالمؤكد أن العمليات وتداعياتها هي بمثابة حمل ثقيل وأمانة أثقل في عنق الذين يقودون المعارضة حاليا، ولعل أسهل وأيسر الأثقال هو ما يتعلق بإعادة الإعمار الذي يمكن تسويته بدعم الأشقاء والأصدقاء وإعادة إنتاج الآلة الاقتصادية الوطنية ومضاعفة عملها لتعويض ما فقدته سوريا خلال هذه العمليات. الأكثر ثقلا هو الجانب السياسي الذي يتوزع بين معارضة لا تبدو في أفضل حالات الانسجام والتنسيق بين أطيافها ومكوناتها، ما يعني صراعات كامنة قد تظهر فور التخلص من نظام الأسد، وذلك ظهرت بوادره قبل أن تصمت المدافع، فحسابات السياسيين غالبا ما تكون معقدة، ولدينا في النماذج المصرية والليبية والتونسية ما يجعلنا نتصور كارثة تبعات العملية الديمقراطية الهشة في هذه الدول التي لا تختلف كثيرا عن المشهد السوري. مطلوب من القوى السياسية ألا تزايد على قوتها الشعبية وأن تتعامل بمثالية في مداواة جراح الوطن السوري الذي لا تزال نساؤه وشيوخه في الملاجئ ولم تكفكف الأمهات دموعهن على أطفالهن الضحايا والذين قضوا في المعارك، ما يعني سموا وارتقاء على الكسب السياسي والاتفاق على ثوابت وطنية تُعنى أولا بإعادة تجميل وجه سوريا من خلال عمل جماعي للمعارضة بعيدا عن حصيلتها السياسية وأوزانها التي يمكن أن تدعيها، فالكسب الديمقراطي ينبغي أن يتأخر إلى حين استقرار أحوال الشعب وعودته من الملاجئ وبناء بيوته التي تدمرت حينها يمكن التعامل بالنسب والثقل السياسي أما إذا تقدم ذلك على حساب التنمية وإعادة الإعمار فلن يصلح حال سوريا أبدا.