19 سبتمبر 2025
تسجيلأجد أعذاراً للعرب إخوتي الذين لم يقرأوا التاريخ، لا لأني أفضل منهم حاشا، والله، بل لأن الله أتاح لى في المنافي أن أطالع وأتعلم. فعرفت حقائق، تعمد الاستعمار ووكلاؤه بأن يخفوها عنا لمدة عقود، فنشأ جيل عربي يجهل أمجاده ويحتقر تاريخه ودون أن يعي يمهد لاستمرار التبعية والتذيل، واليوم يمهد إلى ما يسمى التطبيع تحت شعارات الحداثة والعولمة والقيم الإنسانية ومقاومة التطرف!!. الحقيقة أن بعض الغافلين والغافلات أو من أشار إليهم رواد المصلحين المسلمين في القرن التاسع عشر بالمنسلخين عن هويتهم أو بالمنبتين لا جذور لهم، وسأسوق هنا حقيقة عجيبة من التاريخ الحديث حتى تعلموا كيف يخطط حكام القوى الغربية ورثة معاهدة (سايكس بيكو) لإدخال ديار العرب والإسلام إلى بيت الطاعة بالقوة أو بالحيلة أو بطمس معالم أمجادهم فيسهل التمكن منهم ومن ثرواتهم ويحولهم الاستعمار قديمه وجديده إلى وكلاء لهم وكيف نغفل نحن. "جاء في مذكرات الرئيس الأمريكي الأسبق (دوايت إيزنهاور 1954-1962) التي حررها بقلمه وعلى لسانه الصحفي (ستيفن أمبروز) ص 263 سؤال الصحفي للرئيس إيزنهاور في الصفحات الأخيرة من المذكرات: "سيدي الرئيس ما هي المخاطر التي تهدد مصالح الولايات المتحدة بعد خمسين سنة؟ (الكتاب صدر سنة 1962) فأجاب الرئيس:" الخطر الأكبر هو لو تتحد الأمة الاسلامية فتصبح قوة كما كانت وتعتمد على مخزونها الروحي والحضاري لتنافس الغرب وتفتك منه الغلبة" وهنا سأله (أمبروز): " وكيف نجهض هذا الخطر استباقيا؟" فجاء رد (ايزنهاور):" علينا من اليوم أن نخطط لكسر الحلقتين اللتين تربطان سلسلة العالم الإسلامي ونخضعهما لرقابتنا ونحكم عليهما قبضتنا" وهنا أصر الصحفي أن يعرف من تكون هاتين الدولتين، فجاءه رد (أيزنهاور): "هما العراق وأفغانستان"! وعندما تساءل الصحفي عن سر اختيار هاتين الدولتين، قال الرئيس الأمريكي إن العراق هو جغرافيا وتاريخيا الجسر الرابط بين شعوب الشرق الأوسط ومتنوع الأعراق، أما أفغانستان فهي الصلة الطبيعية بين القوقاز ومسلمي الصين وبقية الأمة الإسلامية". تأملوا معي يا قرائي الأفاضل كيف نفسر الأحداث التي جدت في الثمانينيات والتسعينيات، وكيف تحققت عقيدة الخمسينيات في عهد بوش الأب وبوش الابن حين وقعت كارثة الحادي عشر من سبتمبر 2001، فدمرت أفغانستان باسم مقاومة إرهاب القاعدة، ثم جاء الدور على العراق فتصاعدت حملة دبلوماسية وإعلامية عالمية ضد العراق بدعوى أن صدام حسين يملك أسلحة الدمار الشامل ويستعد لإبادة إسرائيل!. مما لا شك فيه أن طالبان وصدام حسين يسرا إنجاز هذه المخططات،لأنهما نظامان يعتمد الأول على أوهام حكم فقهاء الدين، ويعتمد الثاني على شعارات بائسة وحكم فردي متغطرس!. فاعلموا أصدقائي أن الغرب وإسرائيل هي قوى تخطط إلى نصف قرن قادم ونحن نتخبط في صراعاتنا من أجل المناصب في دول هشة بلا مؤسسات وبلا تخطيط. وأتذكر في سيمنار بجامعة السربون أثرت قضية للمرة الأولى وصار حولها جدل الزملاء الدكاترة من عديد الجنسيات منهم من أيدني بالحجج التاريخية، ومنهم من نعتني بالمشعوذ، وهذه القضية هي أن اليهود وخاصة المتطرفين الصهاينة منهم اعتمدوا رقم 7 وهو الرقم التوراتي المقدس عندهم (عدد شموع شمعدانهم) ليجعلوه محطات بناء الدولة العبرية، فلنبدأ بأول سبعة اكتشفتها حين طالعت كتاب المؤرخ اليهودي البريطاني ألبرت هياوسون الصادر بلندن عام 1916 بعنوان: الميلاد الجديد للشعب القديم، الذي نقل فيه رسالة بعثت بها جمعية صهيونية فرنسية ليهود العالم عام 1787 تقول فيها الجمعية: "نحن نطالب الدولة الفرنسية بإتاحة الأرض الموعودة لنا" ونواصل رحلتنا مع الرقم 7 لنجد من الطبيعي اصدار بلفور لوعده الشهير عام 1917 وهو القرار الذي أسس بالفعل دولة اسرائيل قبل الأمم المتحدة، ثم نصل إلى عام 1907 موعد لندن لأكبر مؤتمر يهودي لرجال الأعمال والمال والإعلام ثم عام 1927 لنشهد أول مؤتمر يهودي جمع بنيويورك زعماء الحركة من أمريكا وأوروبا، وفيه رسمت الخطوط الأولى لجمع الأموال والتغلغل في مجالى البنوك الإعلام. وبعد عشر سنوات بدأ القضاء على حركة المقاومة التي تزعمها الشهيد الشيخ عز الدين القسام أي في 1937، وكما تعلمون تأسست دولة اسرائيل عام 1947 وانطلقت إلى تاريخ 1957 موعد إنشاء السلاح النووي الاسرائيلى وبناء مفاعل ديمونة، ثم يأتي الموعد الاسرائيلى الحاسم الذي غير الجغرافيا وانعرج بدفة التاريخ وهو الخامس من يونيو 1967 حين استدرجت القوى الدولية المناصرة لاسرائيل الزعيم المرحوم جمال عبد الناصر الى اغلاق مضيق العقبة، وجاءت الهزيمة الكبرى ثم عام 1977 شهد أكبر مفاجأة دفعت بالصراع العربي الاسرائيلى الى متاهات التنازلات حين زار محمد أنور السادات القدس وخطب في الكنيست وأحدث الزلزال المتوقع. وبعد ذلك بعشرة أعوام في 1987، أعلنت منظمة التحرير بأنها لا تمانع في الاعتراف بدولة إسرائيل وغيرت من ميثاقها، وعام 2017 اعتراف ترامب بالقدس عاصمة أبدية لإسرائيل... في انتظار 2027! لأن العرب كتب عليهم أن ينتظروا فقط !. كاتب تونسي [email protected]