12 سبتمبر 2025
تسجيلحينما تفشل الدولة في السيطرة على أوضاع غير مستقرة ومتحركة فذلك مؤشر لفشل عميق يؤثر في الحاضر والمستقبل بصورة دراماتيكية، فأوجاع العملية السياسية ذات عدوى سلبية على المستقبل، ولذلك حين يعجز رئيس الوزراء نوري المالكي عن تحقيق توازن في الحكم يترتب على ذلك تضييع للعراق ونشر الكراهية والطائفية بين مكوناته.يخوض المالكي حربا بائسة مع مواطنيه في بعض المناطق، لأنه يتعامل بسلوك بوليسي وليس سياسيا في وطن لم يتعاف بعد من ويلات الدمار والحرب التي ظلت تحاصره من قبل الاحتلال الأمريكي الذي أرسى بدوره وقائع مؤسفة لنمط إدارة الدولة وتفرقة العراقيين وإظهار تنوعهم كخصم على بلدهم، لأن التنوع يفترض أن يثري ويضيف، لا أن يباعد ويفرق.آخر حروب المالكي السيئة تدور رحاها في الرمادي وهو لا يخسر المعركة على الأرض في الواقع بقدر ما يخسر هيبة العراق والعراقيين، فمسلحو العشائر سيطروا على المجمع الحكومي وسط الرمادي غرب بغداد، وأوقفوا بث قناة الأنبار الفضائية، فيما صدوا في مدينة الفلوجة هجوما واسعا للقوات الحكومية، سقط خلاله عدد من القتلى والجرحى، كما سلم عدد من أفراد الجيش أنفسهم للمسلحين.والسيطرة على المجمع الحكومي جاءت في أعقاب سيطرة مسلحي العشائر على أجزاء واسعة من المدينة التي تمثل مركز محافظة الأنبار ويقع فيها مقر المحافظ والمؤسسات الحكومية المختلفة، وهنا تبرز معادلة صعبة ومعقدة، وأيضا ليس للمالكي وحسب وإنما للعراق الذي بحسب هذا الحال يتجه لأن يصبح دولة فاشلة، لأن المالكي ببساطة ليس رجل دولة أو قائدا أو زعيما وإنما موظف في وظيفة أكبر من حجمه وبالتالي لا بد أن يتناقض ويضطرب أداؤه، ما يترتب انهيار العراق.العراق بحاجة إلى توازن لا يمكن أن يقدمه المالكي، لأن فاقد الشيء لا يعطيه، وإلى أن يحصل ذلك فإننا نتمسك بالأمل في بقاء العراق واحدا ومستقرا، فسياسة رئيس الوزراء الحالي مجحفة بالعراق ولا تليق به، وستعزز الطائفية والمذهبية والتناحر حتى لا تبقى هناك دولة، وهي الصورة القاتمة التي تظل حاضرة كلما بقي المالكي في السطح العراقي بمسمى رئيس وزراء، لأن ما يحدث لا علاقة له بالسياسة ومجرياتها ومتغيراتها، ويكفيه فقط النتائج المتحققة على الأرض الآن وتنمو فيها قوة العشائر وتبرز المظالم وينطلق صوت الرصاص بين العراقيين.