11 سبتمبر 2025

تسجيل

السلام والحب في عامنا الجديد

04 يناير 2013

في عامنا الجديد، نتمنى أن يحمل الجميع زهورا ليتبادلوها في الأفراح والأعياد والمناسبات الجميلة، وليس أن يحملوها إلى الأضرحة لزيارة الذين سقطوا نتيجة خلافات ومناوشات تستنزف رصيد الأوطان.. نريد زهورا في أيدي الأطفال ليعتادوا على شرائها منذ نعومة أظافرهم، ليكون مستقبلهم زاهراً آمنا من كل شر. نتمنى في أيامنا المقبلة أن نتبادل الزيارات الأسرية وأن يعم الفرح والمرح والبهجة أيامنا وليالينا، لننسى ما مر بنا من لحظات صعبة ومؤلمة أنهكت نفسيتنا المرهقة، في أحداث لا نريد تذكرها ونعمل على نسيانها وأن نتعافى من عواقبها. نتمنى في عامنا الجديد ألا يحرم أحد من شخص يحبه، أو صديق من صديقه، لينتشر  الفرح في القلوب، فالفرح هو عنوان المحبة، والمحبة بداية طريق الوئام والسلام. ولعلي ونحن نعيش أجواء العام الجديد، أتذكر قصة قرأتها يوما ما في هذا العالم الافتراضي المسمى بـ " الإنترنت".. وتحكي عن فنان تشكيلي أراد أن يرسم أجمل ما في الوجود، وبحث كثيرا  وفكر أكثر لعله يعثر على ضالته المنشودة. فالفنان غير الإنسان العادي ويرى ما تراه أعيننا، فعينه فاحصة وشاخصة، وربما ما نراه جميلا بأعيننا يراه هو قبيحا أو ليس كذلك، وأقصد أنه ليس بالجمال الذي نراه. وعندما طال تفكيره، هداه عقله إلى أن يخرج للبراري لعله يعثر على الجمال في الخضرة أو المياه أو السماء، أو أي مشهد ليرسمه ويبيع لوحته ليأكل هو وأسرته من ثمنها. وذات صباح مشمس، خرج الفنان  حاملا  لوحته وفرشاته ليبحث عن الجمال الذي يريده،  وكان أول ما قابله في الطريق جنديا عائدا من الحرب فسأله عن أجمل شيء فأجابه : "السلام هو أجمل ما في الوجود خاصة بعد الذي رأيته في الحرب من  ويلات ودمار ". لم يقتنع الفنان بما أبلغه به الجندي، فواصل السير في الطريق ليقابل فتاة جميلة ، وسألها عن أجمل ما في الوجود، فردت :" الحب هو أجمل عاطفة في الوجود لأنه يفتح أبواب الأمل فيجعل الحياة جميلة مشرقة ".  ولم يقتنع الفنان أيضا بما قالته الفتاة الجميلة، ومضى في طريقه ليلتقي بالصدفة رجل دين،  فسأله عن أجمل شيء، وبما أن رجل الدين لا يرى في الدنيا سوى الإيمان، فأجابه : " ليس سوى الإيمان ، فهو  يضيء قلب المؤمن إذا اظلمت الدنيا في وجهه". وعندئذ شعر الفنان بالإرهاق الشديد، وقرر أن يعود أدراجه بعدما فشل في العثور على مبتغاه وأصيب باليأس لأنه لن يرسم أجمل ما في الوجود ، وبالتالي سيعجز عن تلبية نفقات منزله. وبعد سويعات قليلة، نهض الفنان من على مقعده بعدما توصل إلى قناعة بأن أجمل ما الوجود فعلا هو، السلام كما أبلغه الجندي والحب وهو رأي الفتاة ثم الإيمان كما أقنعه رجل الدين. ولكن السؤال الأهم ، هو كيف يرسم " السلام والحب والإيمان " سيما وأنها مشاعر وليست مخلوقات أو حتى جماد.  وبينما هو يسير مجيئة وذهابا يفكر كيف يجمع تلك المعاني في لوحة واحدة لتكون أجمل ما في الوجود، فإذا به  يرى  الإيمان على وجه زوجته والحب في  وجه ابنته والسلام في بيته،  فرسم زوجته وابنته في لوحة أطلق عليها البيت. ففي عامنا الجديد ، ندعو  الله أن ينتشر السلام والحب في بيوتنا، و لتسود المحبة بين الناس وليس الأحقاد والأنانية، فالإنسان يكون إنسانا فقط عندما يفرح لأخيه ويهب لنجدته إذا تعرض لمحنة، والإنسان يكون إنسانا عندما يتشارك مع جاره في السراء والضراء لتعم الألفة وتسود بين أبناء الوطن الواحد، وهذا هو حالنا والحمد لله في هذه الأرض المباركة. في عامنا الجديد.. نتمنى الصحة والسعادة لأهلنا وأصدقائنا، كذلك الاستقرار والأمان، وعودة الضحكة والبشاشة والفرحة إلى الوجوه، وإنجاز خطوات إلى الأمام وليس إلى الخلف، وأن يظل الأصدقاء أوفياء، ونبذ الحقد والكيد  من القلوب. وإذا تجاوزنا حدود الوطن الصغير إلى وطننا العربي الكبير، فليس أمامنا سوى الدعاء للمولى عز وجل إلى أن يخلص شعوبنا من الاستبداد، فالذاكرة تأبى استحضار اللحظات المفجعة والحزينة، التي خطفت الأبرياء، وما تركته من مآس وجراح في شقوق الذاكرة الجماعية.. فالاستقرار والأمان والسلام ووضع حد لحمام الدماء الذي يغرق أراضينا العربية في ظل الأحداث السياسية والأمنية في أعقاب ثورات الربيع العربي، هو أمنية عظيمة نتمنى أن تتحقق في العام 2013 ، حتى لا تعود  تلك الاضطرابات السياسية التي بعض الشعوب العربية بعد ثورات اعتقدوا أنها ستخلصهم من براثن أنظمة فاسدة، ولكنها أتت بما لا تشتهي السفن. ولهذا، فإن نتمنى أن يحل الأمان في أراضي تلك الدول وأن يزيد الخير فيها، لتعود الشعوب متماسكة  في أجواء سلام ومحبة . فما ذنب الأجيال الشابة أن تستلم دفة الحكم في تلك الدول وبلدانها ممزقة سياسيا واقتصاديا، والمفروض أن تترك لها الأنظمة أرضا صلبة لإعادة البناء عليها ليعم الفرح وتهيئة  الظروف الملائمة لتعيش الأجيال بأمان وتحقق أحلامها وطموحاتها، متسلحة بالثقافة والعلم والمعرفة، وهذا يعود بالمحبة والألفة بين الناس. وأضم صوتي إلى صوت الشعوب العربية في أن يعمل القادة الجدد في  العام الجديد على الارتقاء ببلدانهم ، وأن يكون إسعاد شعوبهم  ضمن أولوياتهم من خلال خطط بناءة لتطوير الوضع الاقتصادي الذي هو أساس انتعاش  كافة المجالات، لكي تهدأ النفوس لتكون صافية ولتكون المعيشة هادئة مستقرة آمنة من دون قلق وتوتر. أمنيتنا الكبرى في وطننا العربي ، أن يحمل  العام 2013  أمنيات طيبة لشعوبنا من المحيط إلى الخليج، وأن يزيح الله الغمة التي تعيشها بعض البلدان ، وأن تهدأ النفوس وأن تعم المحبة والاستقرار والتكاتف لنصبح جميعا يدا واحدة، أمة واحدة بعيدا عن الفرقة.