01 نوفمبر 2025

تسجيل

ثقافة احترام القانون وإدراك قيمته

03 ديسمبر 2014

لا شك أن نجاح الطبيب في تشخيص الداء هو أول طريق نحو شفاء العليل، حيث يرتبط وصف العلاج بصحة تشخيص المرض وجوداً وعدماً، وكما يحتل هذا الأمر أهمية كبرى في مجال الطب وعلاج الأمراض، فإنه معيار ثابت لعلاج الخلل في كل المجالات وخاصة فيما يتعلق بتقويم وتنظيم سلوك الإنسان، حيث إنه من المستقر عليه أن القوانين والتشريعات تصدر لتنظيم سلوك الفرد ووضع أحكام تنظم علاقاته في المجتمع وتحدد ما عليه من واجبات وما له من حقوق، والجدير بالذكر أن القانون علم من العلوم الاجتماعية يختلف باختلاف المكان والزمان، وغني عن البيان أن لكل قانون إطارا يحدد مكان التطبيق وزمن تنفيذه، والضلع الثالث هو مجموعة من البشر الذين يقطنون مكانا محددا في زمان معين يطلق عليهم الأشخاص المخاطبون بأحكام القانون، هذه مجرد قواعد وخصائص قانونية وموضوعية تطبق في المجتمعات التي فطنت إلى معنى وقيمة القانون وأثره، أما المجتمعات والأمم التى تُصدر وتشرع القوانين فقط بينما تظل مواده ونصوصه وأحكامه حبيسة الأدراج ولا تغادر صحيفته فلا قيمة لها، ويضحى الهدف من الإصدار مجرد صناعة وحياكة لغرض ما، ولا ينطبق عليها مميزات وخصائص القانون، فالأصل أن عين القانون لا تفرق بين الأشخاص المخاطبين بأحكامه، فهم بالنسبة له سواء، ولكن إساءة التطبيق هي التي تشوه القانون وتفسر مواده ونصوصه على هوى ومزاج أصحاب المصالح والمعنيين بالتطبيق والتنفيذ والقانون منهم بريء، والجدير بالذكر أن قواعد القانون ونصوصه ثابتة لا تتحرك ولا يمكن أن تدخل المؤسسات والشركات ولو زحفاً، ولكن هذا الدور موكول إلى جهات التطبيق والتنفيذ والجهات الرقابية، ولكنه في نفس الوقت يقبض على كل من يحاول اختراقه أو يخالف أحكامه، ولكن البشر هم من يتحايلون ويستثنون المخالف من التطبيق، بحجج وأسباب ما أكثرها، تحت بند استثناءات وغيره، واستشرى هذا الأمر حتى صار الاستثناء أصلا والأصل أصبح استثناءً، وبذلك فقد القانون قيمته وهيبته وأُهدرت المصالح التي يريد المجتمع أن يحميها ويحافظ عليها، ودانت السيطرة لمجتمع المصالح الخاصة، وهذا ما تعاني منه المجتمعات النامية التي تفتقر شعوبها إلى ثقافة احترام القانون، وإدراك صحيح دور القانون الذي قد يقيد المصالح الخاصة إذا تعارضت مع مصلحة المجتمع، ولا شك أن تغليب المصلحة العامة أجدر وأعلى شأناً من المصلحة الخاصة، وللحديث بقية في استعراض أمثلة لبعض القواعد والأحكام والنصوص الواردة بالقوانين ولكنها مجرد حبر على ورق. السلامة والصحة المهنية يشير قانون العمل رقم 14/2004 إلى أنه يجب على صاحب العمل أو من ينوب عنه أن يحيط كل عامل عند بدء الخدمة بمخاطر عمله، وعلى ما يستجد منها بعد ذلك، ويعرفه بوسائل الوقاية منها، وأن يعلق في مكان ظاهر تعليماته المفصلة بشأن وسائل الصحة والسلامة المهنية لحماية العمال من الأخطار التي يتعرضون لها أثناء تأدية عملهم، على صاحب العمل أن يتخذ الاحتياطات اللازمة لحماية العمال أثناء العمل من أية إصابة أو مرض قد ينشأ عن الأعمال التي تؤدى في منشأته، أو من أية حادثة أو خلل أو عطب في الآلات أو المعدات أو من الحريق، ولا يجوز لصاحب العمل أن يحمل عماله أو يقتطع من أجورهم أي مبلغ مقابل توفير هذه الاحتياطات، وعلى إدارة العمل، في حالة امتناع صاحب العمل عن اتخاذ الاحتياطات المشار إليها، أو في حالة وجود خطر داهم يهدد صحة العمال أو سلامتهم، أن ترفع الأمر إلى وزير العمل لإصدار قرار بغلق مكان العمل كلياً أو جزئياً، أو بإيقاف عمل آلة أو أكثر، حتى تزول أسباب الخطر، وفي هذه الحالة يلتزم صاحب العمل بدفع أجور العمال كاملة، أثناء فترة الغلق أو الإيقاف، وعلى العامل أن يستخدم أجهزة الوقاية والملابس المعدة لها، التي يزوده بها صاحب العمل، وأن يمتثل لجميع تعليماته التي تهدف إلى المحافظة عليه من الإصابات والأمراض، وعلى صاحب العمل أن يتخذ التدابير التي تكفل النظافة والتهوية في أماكن العمل، وأن يزودها بالإضاءة المناسبة، والمياه الصالحة للشرب والنظافة ووسائل صرف المياه، وذلك وفقاً للوائح والقرارات التي تصدرها الجهات المختصة في هذا الشأن والتي نستعرضها في الحلقة القادمة.