15 سبتمبر 2025

تسجيل

كيف تكون متفائلاً في عز الأزمات؟

03 نوفمبر 2022

لقد منَّ الله علينا بنعم كثيرة لا تُحصى، وكرَّمنا سبحانه بالعقل وسخر لنا سائر مخلوقاته، ثم زادنا عزًّا بالإسلام فأرسل لنا رسولًا كريمًا يحمل لنا رسالة سماوية للناس كافَّة، بدأها رسولنا الكريم متوكلًا على ربه متفائلًا بالغد متيقنًا في النصر والتمكين. فالنبي محمد، صلوات ربي وسلامه عليه، هو المعلم الأول لأمته، ومن عظيم ما علمنا إياه: التفاؤل والبِشْر؛ لأنهما يبعثان في النفس السكينة والطمأنينة. • التفاؤل: فالتفاؤل في جوهره توكُّل مطلق على الله وثقة عميقة وإيمان ثابت بالخير والنجاح مع الجد والاجتهاد. فإذا نظرنا إلى حال رسولنا الكريم وهو مكلَّف بالوحي في بيئة تعجُّ بالشرك وتملك قوة وسطوة وهو وحيد معه قلَّة من المصدقين به، ولم تكُن المعطيات التي يملكها وقتها تبشر بالخير، فكيف له أن يخوض هذه المواجهة الصعبة مع هؤلاء المتعصبين؟! ولكن رسولنا الكريم حباه الله يقينًا ثابتًا غرس في نفسه الشريفة نبتة التفاؤل بالخير والنصر والتصديق بموعود الله. فالتفاؤل هو التعلُّق بفرج الله عليك حتى إن كانت كل المعطيات على أرض الواقع ضدك. فالبحر كان أمام موسى، عليه السلام، والعدو من خلفه، ومع ذلك «قَالَ كَلَّا ۖ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ» (الشعراء: 62). فهذه الصفة في الأصل من أخلاق الأنبياء؛ لذا فقد أحبها رسولنا، صلى الله عليه وسلم، وحثَّنا على تعلُّمها. فعن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: «كان النبي، صلى الله عليه وسلم، يعجبه الفأل الحسن، ويكره الطيرة» (رواه البخاري). فالتفاؤل صفة تتصف بها النفوس الراقية المؤمنة الإيجابيَّة؛ لذلك تجد الشخص المتفائل دائم الابتسامة والسعادة، وينعكس التفاؤل على ذاته ويؤثر في تصرفاته ومواقفه، فيمنحه سلامة صدر وهمة وإرادة عالية؛ فتجده دائمًا متجدد الأمل، عالي الهمة، مجتهدًا، صبورًا في مسيرة حياته. • فيجب على كل مسلم التحلي بهذه الصفة العظيمة التي تعينه على المتغيرات وتقلبات الزمان، فإذا تعثرت الخطوات وشردت العقول وضاقت الأمور فعليه أن يتشبث بالتفاؤل. • لا بُدَّ أن تكون متفائلًا بأنك ستنهض بعد عثراتك وستنجح بعد إخفاقك، وسوف يهديك الله الصواب وتستريح من الحيرة والتخبُّط. ففي التفاؤل قوة تساعدك على الثبات والتطور. تجد هذا واضحًا على الشخص المتفائل، تجده إيجابيًّا ناجحًا مرتاحًا سعيدًا مبتسمًا مستمتعًا بحياته. على الجانب الآخر، تجد المتشائم مهمومًا حزينًا يخطو نحو النجاح ببطء، عابسًا يحمل هم الدنيا فوق رأسه، فهذا يدخله تلقائيًّا في دوَّامة الوساوس والأمراض؛ لذا أحذِّركم من النظرة التشاؤميَّة للحياة. فكل خطوة تخطونها في حياتكم تحلو بالتفاؤل. فالمتفائل لا يحمل همًّا أبدًا؛ لأن التفاؤل زاد الحياة ودواء الصعوبات. • اعلم جيدًا أن هذه الأزمان نبرة التشاؤم فيها منتشرة؛ نظرًا للتغييرات التي تتوالى بسرعة كبيرة على شكل الحياة العامَّة، من انتشار الأوبئة واشتعال الحروب والظواهر الكونيَّة وغيرها، فيشعر بعضنا بالخوف وينقبض قلبه، بل ويتشاءم من الغد وما يحمله له من صعوبات. • رأي: أشارككم الرأي أن زماننا هذا سريع التقلب بشكل مخيف، لكن إيماننا بالله وتدبيره للكون وتفاؤلنا بأن الخير قادم. ذلك كله يخفف من روع القلوب ويزيد من سكينة النفوس. فإذا حملنا هَمَّ مستقبلنا، فلن نستمتع بحاضرنا. يجب أن نُحسِن الظن بربنا، بل ونربِّي أنفسنا وأبناءنا على البِشْر والتفاؤل حتى نمضي إلى النجاح والتفوق، نجتهد ونسعى ونترك النتائج على الخالق، سبحانه، متفائلين، نحسن الظن بربنا أنه سبحانه يتولى أمرنا ويصلح حالنا ويمنحنا الخير في حاضرنا ومستقبلنا. • دعاء: أسأل الله تعالى لي ولكم نفوسًا يملؤها التفاؤل وتغمرها السكينة وتعمها السعادة.. اللهم آمين.