16 سبتمبر 2025

تسجيل

الأمم المتحدة .. تفخيخ اليمن

03 نوفمبر 2016

رفضت الحكومة اليمنية استلام الورقة التي تقدم بها المبعوث الدولي لليمن إسماعيل ولد الشيخ لإحلال السلام ووقف الحرب والدمار في اليمن، بسبب ما وصفته بتجاوز مرجعيات الحل المتفق عليها، حيث سيصبح عبد ربه منصور هادي وفق رؤية المبعوث الأممي رئيسا صوريا والإطاحة بعلي محسن الأحمر، وسيتم تعيين نائب للرئيس بشكل توافقي بين الحكومة والانقلابيين، وتنقل صلاحيات الرئيس للنائب الذي بدوره سيقوم بتشكيل الحكومة، وهذا يعني خلط الأوراق وعصفا بالشرعية وتحايلا عليها وهي ما تبقى من إجماع اليمنيين، لأن هذا الحل السياسي يتجاوز المبادرة الخليجية ومؤتمر الحوار الوطني وقرار مجلس الأمن 2216 ، ويفتح الباب على مصراعيه أمام حرب أهلية طويلة الأمد ويشرعن وجود الحوثيين كحكام رغم أنهم حركة إيديولوجية متمردة، وهذا يعني بكل بساطة إبقاء الحوثي والرئيس المخلوع في المشهد السياسي دون مساءلة، وتسليم اليمن لإيران لتأكيد صراخ نوري المالكي بأن دولة اليمن أصبحت من منجزات الثورة الإسلامية، يبدو لي أن المبعوث الأممي لا يبحث عن حل لمشكلة اليمن بل عن نصر وهمي يضيفه إلى سيرته الذاتية الفقيرة، فاليمن يريد حلولا شاملة وحقيقية أما ما يسعى إليه اليوم فإنه يعد تفخيخا لمستقبل اليمنيين. ورقة المبعوث الأممي تضمنت نقاط أبرزها أن الرئيس عبد ربه منصور هادي سيكون رئيسا انتقاليا بسلطات محدودة جدا وتنقل صلاحياته إلى نائب جديد للرئيس بتوافق جميع الأطراف السياسية، وذلك ربما يشير إلى بداية تململ أمريكي من السلطة الشرعية التي لم يواكب أداءها السياسي نجاحات الجيش الوطني والمقاومة على الأرض، أما الإجراء الثاني وهو قديم جديد فيتضمن تشكيل لجنة عسكرية وأمنية عليا تتولى الإشراف على الانسحاب من المدن والمحافظات وتتسلّم الأسلحة الثقيلة، وعندما تمر ليلة القدر !! ويحدث هذا الأمر العظيم فسيتم تشكيل حكومة وحدة وطنية بالمناصفة بين تحالف الشرعية وتحالف الحوثيين وحلفائهم، وعندما يصبحون حكاما فإن عليهم الانقياد للسلطة التي يديرونها بحيث يبدأ المسلحون الحوثيون وحلفاؤهم الانسحاب من المناطق التي تحت سيطرتهم وهي صنعاء وتعز والحديدة .كل ما اقترف بحق الشعب اليمني ومؤسساته وتخريب دولته ونهب ثروته واحتياطات البنك المركزي وتجريف كل الوزارات والمؤسسات وإحلال عناصر حوثية لا علاقة لها بالإدارة سيعتبر في خبر كان، بل ربما يكون مكافأة لكل هذا العبث، والأمر من ذلك أن تتطرق ورقة المبعوث الأممي إلى انسحاب الحوثيين وحلفائهم من المدن المذكورة وهي صنعاء وتعز والحديدة ولا يوجد أي ذكر لمحافظة صعدة أساس المشكلة ومعقل الحوثيين، ربما هناك قناعة أممية بأن صعدة يجب أن تكون منطقة خاصة بالحوثيين وحدهم وخارجة عن سيطرة الدولة كما كان في السابق، لكن المبعوث الأممي أراد أن يطمئن السعوديين باقتراح أن ينسحب الحوثيون من ثلاثين كيلومترا على الحدود السعودية لكي تكون منطقة عازلة تضمن عدم الاعتداء على الأراضي السعودية وعدم استهداف مكة مرة أخرى. الإرهابيون في نظر المبعوث الأممي ليسوا من يفجر المنازل والمساجد والمدارس ويقتلون الأبرياء وهذه جرائم يرتكبها الحوثييون كل يوم، بل الإرهابيون في نظره هم تنظيم القاعدة وأنصار الشريعة وعلى الحوثيين الذين سيكونون حكام المستقبل محاربة هذه الجماعات التكفيرية، ومع التسليم والتأكيد بأن القاعدة وأنصار الشريعة جماعات إرهابية متطرفة لكنها لم ترتكب جرما كالذي ارتكبته مليشيات الحوثي وقوات الرئيس الرئيس المخلوع، وهذا يعني أن تنظيم القاعدة وأنصار الشريعة إذا ما سيطروا على الدولة يوما فإنهم سيصبحون مكونا سياسيا يجب أن يكون شريكا في الحكم، وهذا لعمري بعيد عن أبجديات السياسة.الحرب في اليمن ليست حرب الولايات المتحدة وحلفائها ولذلك فإن أي تسوية ستتم يجب أن تحافظ على المكون الذي يشكل ورقة ضغط على السعودية بما يضمن عدم خروجها عن بيت الطاعة الأمريكية، هذا التفكير في مقاربات حل الأزمة اليمنية لن يجدي بل إنه يفخخ حياة اليمنيين الذين يتجرعون يوميا مرارة حرب عبثية فجرها الحوثيون.