13 سبتمبر 2025
تسجيلقبل أربعين عاما كانت مستويات التنمية في كوريا الجنوبية قريبة جدا من مستويات التنمية في العديد من البلدان العربية، بما فيها مصر، إلا أن التفاوت أخذ يتسع ليشكل فارقا كبيرا في الوقت الحاضر، حيث تناول المنتدى العاشر للتعاون الكوري الشرق الأوسطي الأسبوع الماضي في العاصمة الكورية، سيئول والذي نظمه مركز الإمارات للدراسات والبحوث مواضيع اقتصادية وإستراتيجية مهمة تتعلق بجوانب عديدة، يأتي من ضمنها الاستفادة من التجربة التنموية الكورية المميزة. ومن بين بلدان الشرق الأوسط تحظى العلاقات الخليجية الكورية بأهمية خاصة لشموليتها وتعدد أوجهها والتي تمتد لتشمل مجالات التجارة والاستثمار والخدمات والاتصالات والتقنيات الحديثة والطاقة النووية. وفي المجال التجاري، فقد بلغ حجم التبادل التجاري بين دول مجلس التعاون وكوريا 112 مليار دولار في عام 2012، وهو ما يشكل نسبة كبيرة تبلغ 11% من التجارة الخارجية لكوريا، أما حجم الاستثمارات المتبادلة بين دولة الإمارات وكوريا على سبيل المثال، فقد وصل إلى 3.2 مليار دولار، كما بلغ حجم العقود التي حصلت عليها الشركات الكورية في الإمارات 28 مليار دولار في عام 2012 وبارتفاع بنسبة 9.4% عن عام 2010، حيث تأتي عقود بناء أربع محطات للطاقة النووية في مقدمة هذه العقود التي فازت بها الشركات الكورية بعد منافسة حادة مع شركات عالمية، مما يدل على مدى الأهمية التي تتصف بها العلاقات بين الجانبين، وتعمل في الوقت الحاضر في دولة الإمارات 300 شركة كورية جنوبية، أما في مجال الطاقة، فإنه يتم الآن تخزين 6 ملايين برميل من خام أبوظبي في كوريا، كما شكل في نفس العام مجلس الأعمال الإماراتي الكوري لإيجاد شراكة إستراتيجية بين الجانبين. وفي هذا الصدد، فإنه من المهم مستقبلا التركيز على الكيفية التي يمكن من خلالها تنمية وتدعيم هذه الشراكة الإستراتيجية بين دول مجلس التعاون وكوريا الجنوبية والتي ستجد لها انعكاسات على علاقات كوريا بدول مجلس التعاون بحكم السوق الخليجية المشتركة، حيث يمكن تسريع المباحثات لإقامة منطقة للتجارة الحرة بين الجانبين من خلال الأمانة العامة والتي ستؤدي إلى تسهيل التبادل التجاري وتنميته بفضل إلغاء الحواجز الجمركية، مما سيرفع من القدرة التنافسية للمنتجات الكورية والخليجية. وفي الوقت نفسه تعتبر الاقتصادات الخليجية والاقتصاد الكوري من أكثر الاقتصادات ديناميكية في العالم، مما يعني توفر إمكانات حقيقة وكبيرة للتعاون في مجالات الطاقة، كتلك الاتفاقية التي وقعت بين شركة بترول أبوظبي الوطنية "ادنوك" وشركة النفط الكورية "كنوك" للتنقيب عن النفط، وذلك إضافة إلى الفرص المهمة في قطاع الاستثمار والخدمات والاتصالات والصناعة، كصناعة البتروكيماويات والسفن، كما تعتبر كوريا من أكبر مستوردي الغاز القطري في العالم، علما بأنها تستورد 20% من احتياجاتها من الطاقة من دول مجلس التعاون الخليجي. وفي سبيل تنمية هذه العلاقات، فإنه لابد من تعزيز التعاون في المجال المالي والمصرفي والذي مازال متواضعا رغم أهميته الكبيرة والمتنامية للاقتصادات الحديثة، فتواجد المؤسسات المالية والمصرفية لدى الجانبين متواضعة حتى الآن، وذلك رغم أهميتها لتنمية العلاقات والتنوع الاقتصادي، حيث يمكن افتتاح المزيد من المؤسسات المالية والمصرفية المتبادلة، بل وإقامة مؤسسات مالية مشتركة. هذه بعض من التوجهات العملية التي يمكن أن تساهم في تنمية الشراكة الإستراتيجية بين دول مجلس التعاون الخليجي وكوريا الجنوبية والتي يمكن دراستها والعمل على تنفيذها، مما سيشكل نقلة نوعية أخرى تعزز من العلاقة مع شريك يمكن الوثوق به.