13 سبتمبر 2025

تسجيل

عمت صباحاً يا وطن

03 نوفمبر 2013

أنت يا موجعٌ حدَّ قطف الورد من حديقة كتابة حميمة, حين يغطّ النرجس البرّي أُنملته في محبرة القلب الرهيف .. كيف أداويك وأشفيك مني؟! ها أنذا .. أراقبهم وقد وضعوك على مشرحة المحافل الدولية يحاولون اقتطاع أجزاء من مزايا الزعتر الأخضر فيك، يرمونها لمن يلتهمك ولا يشمُّك من عجينة طينك حتى زعفران شمسك. لم يتوصلوا بعد إلى معرفة طعم الامتلاك المتبادل الذي لا يحتاج إلى تواقيع وحبر وورق، إنّه العشق الذي يُبيحك في دمي تمامًا كما اُستباح لدى خلاياك فتزول حواجز المصالح وترتقي ميزة الانتماء. أحتاجك اليوم يا وطنًا مع كلّ هدير الطائرات خلفي، أحتاجك بالقدر الذي هدرت مواجعك في داخلي حين يغطُّونك في براميل الحقد وقبل أن تختنق يخرجونك وأنت تنتفض مرارةً وغضبا. آه يا وطن .. ألم أقل لك بأنك ستتعرض لأكثر من ذلك؟ كم همست في أذنك وقلت: خذ وقتك في النمو حتى يشتدّ عودك؟! يهزون العصا وهم في موقف لا يحسدون عليه. ينامون ويستيقظون ويخشون أطفالك الذين سيكبرون يومًا كم كنّا نربي ونُطعم وتُفقدنا الحشرات المتطفلة شهية الأكل لكننا لم نكن نتوقف عن صنع الغذاء والارتقاء. لماذا يخرس هذا الكون البالي بينما يثرثر مجلس الأمن كساحرات شكسبير؟! لا .. لم يخذلنا هذا العالم؛ فما من حقير خذول بجرّة قلم يشرعون الحروب الظالمة وباسم محاربة الإرهاب يرهبون المحراب ونحن نغبّ ونتأمل ولا نستغرب حروبا غير شرعيّة وصمت غير شرعيّ. لا شيء شرعيًّا في هذا الزمان سوى الانتماء إليك آه يا وطن، كم أفتقدك حين أكون بعيدة عنك؛ وأفتقدك أكثر حين أكون قريبة منك! أجنّدُ من حولك الأيام والأعوام، وأزرع الأطفال والأحلام، أقتلعُ الخوف وشوك التخلّف والتقسيم والتحييد والعَنصرة. أكتب على سبورة الغربة كل يوم: عمت صباحاً يا وطن أمسك بيدك الغالية وأصحبك إلى روحي حيث البشائر والتراث أمرّ معك على اليرموك وعنجر وحطين وذات الصواري؛ ندخل كل القلاع الشامخات ونقطّف إجاصاً من ثريات مساجدك وكنائسك. نتمشّى في حاراتك القديمة وهي تكنس ياسمينها المستمر الهطول، ناشرة عبقها في دمعي وحبري وأوراقي. يا وطناً يحتكر أناملي ورفة جفني ماذا عساي أفعل بك؟! ألُفُّك بملاءة سهر من حرير درعا؟ أم أرتديك عباءة وجع من قصب حمص؟ أتزين بك قلادة ماس من صلابة التمسك بشآمك؟ أم قرط لؤلؤ من حلب؟ يا كلّ ما فيك يغامر فيّ يلفّني حزاماً ناسفاً على أسوار جرحك يعلّقني قصيدة نازفة على خشب أيامك يغرسني مسماراً في صليب تسامحك كم يلزمنا لنفتح ستائر الصباح ونشرق غيداً، تشهد علينا حمائم اللغات تحمل تغريدنا الأبيض إليك؟! كم يلزم شاشاتك لتتوقف عن النشيج وتحمل ألوان العصافير وفراشات العشب وبراري الكلام؟!