16 سبتمبر 2025

تسجيل

صنائع المعروف

03 أكتوبر 2019

من أجمل ما يتميَّز به الإنسان حبُّه للخير وسعيُه لتقديم المعروف لكل من يحتاج إليه؛ فالنفوس الصافية هي التي تحمل الخيرية وتسعى في تطبيقها في كل نواحي حياتهم. وصنائع المعروف من أجلِّ القُرُبات إلى مرضاة الله تعالى والفوز بمحبة الله ثم محبة الناس. والمعروف اسم شامل لكل وجوه الخير؛ فالمعروف في أبسط تعريفاته: اسم يُطلَق على كلِّ ما يُستحسَن من الأفعال، وما تعرفه النفس من الخير وتطمئن إليه. والحرص على تقديم صنائع المعروف لمن حولك سبب مهمٌّ للنجاح والتوفيق؛ فكلٌّ منا في المجتمع له دور يمكنه من خلاله تقديم الكثير من صنائع المعروف لمن حوله، سواء في محيط العائلة، في بر الوالدين وصلة الأرحام، وزيارة مريضهم، وتقديم العون للمحتاج، وإغاثة الملهوف، وإصلاح ذات بينهم، والمسارعة إلى دعمهم في المواقف الصعبة. كل هذا من صنائع المعروف، وكذلك مع جيرانك يمكنك تقديم العون لهم، وحفظ حقوقهم، وإغاثتهم ونجدتهم في المكروه -لا قدَّر الله-. وكذلك في محيط دراستك أو عملك تُقدِّم المعروف لزملائك في كل موقف مهم يمرون به ودعمهم ومساندتهم في كل الصعاب والشدائد. ويعد تقديم المعروف للغير من أعلى درجات الترابط والتعاون فيما بيننا ويؤدي إلى لُحمة المجتمع، ودعم أواصر المحبة والمودة، وزرع الألفة والطمأنينة في النفوس. ولا شك أن كل خير تفعله تؤجَر عليه من الله، فيحفظك ويحفظ أولادك وأهلك وأسرتك من مصارع السوء. وهذا المعنى وضحه لنا النبي صلى الله عليه وسلم؛ فعَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّمَ: "صَنَائِعُ الْمَعْرُوفِ تَقِي مَصَارِعَ السُّوءِ، وَصَدَقَةُ السِّرِّ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ، وَصِلَةُ الرَّحِمِ تَزِيدُ فِي الْعُمْرِ". [أخرجه الطبراني وصححه الألباني]. وهذا الفهم الرائع فطِنَتْ إليه أم المؤمنين خديجة -رضي الله عنها- أن صنائع المعروف تقي مصارع السوء، حين قالت لنبينا صلى الله عليه وسلم لمَّا نزل عليه الوحي أول مرة وأصابه الخوف والفزع قالت -رضي الله عنها-: "أبشِرْ فوَاللهِ لَا يُخزِيكَ اللهُ أبدًا، فوَاللهِ إنَّكَ لتَصِلُ الرَّحِمَ، وتَصْدُقُ الحَدِيثَ، وتَحْمِلُ الكَلَّ، وتُكسِبُ المَعدُومَ، وتُقرِي الضيفَ، وتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الحَقِّ". [متَّفق عليه]. لقد فهِمَتْ -رضي الله عنها- أن الخيرية التي تحملها نفس النبي - صلى الله عليه وسلم- وصنائع المعروف التي يحرص عليها في كل وقتٍ سيكافئه الله عليها، ويُذهِب عنه الخوف والقلق، ويُبشِّره بما يسرُّه لأن الخير يقابله خير، وصُنْع المعروفِ يُجنِّب صاحبَه مصارع السوء. فلنحرص جميعًا على تقديم المعروف للجميع مَن نعرف ومن لا نعرف. ولا نستصغر المعروف أو فعل الخير مهما كان قليلًا أو بسيطًا. فعن أَبي ذَرٍّ قال: قَالَ لي رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم-: "لَا تَحقِرَنَّ مِنَ المَعْرُوفِ شَيْئًا، وَلَو أنْ تَلقَى أخَاكَ بوجهٍ طلْقٍ". [رواه مسلم]. مجرَّد ابتسامةٍ في وجه أخيك معروفٌ لا تتركه ولا تستصغره؛ لأن الأعمال توزن بالإخلاص والقبول ومدى تأثيرها في الشخص الذي قدمت إليه يد العون والمساعدة. اللهم اجعلنا من أهل الخير وصُنع المعروف وارزقنا اللهم الإخلاص في القول والعمل... اللهم آمين. [email protected]